افتتاح قبتي يحيى الشبيه وصفي الدين جوهر بعد أعمال الترميم

منذ 4 ساعات
افتتاح قبتي يحيى الشبيه وصفي الدين جوهر بعد أعمال الترميم

افتتح اليوم وزير السياحة والآثار شريف فاتح، يرافقه محافظ القاهرة الدكتور إبراهيم صابر، والأمين العام للمجلس الأعلى للآثار الدكتور محمد إسماعيل خالد، والسفير البريطاني بالقاهرة السفير جاريث بيلي، قبتي يحيى الشبيه الفاطمي، وقبة صفي الدين جعفر المملوكية، بعد الانتهاء من مشروع ترميمهما.

حضر حفل الافتتاح الأستاذ الدكتور مؤمن عثمان رئيس قطاع المتاحف بالمجلس الأعلى للآثار، والسيد مارك هوارد مدير المجلس الثقافي البريطاني بالقاهرة، والدكتور خالد صلاح وكيل أول وزارة الأوقاف بالقاهرة، والعديد من قيادات وزارة السياحة والآثار والسفارة والمجلس الثقافي البريطاني.

نفّذت مبادرة “الأثر لنا” التابعة لمكتب تخطيط مدن مجاورة هذا المشروع، بإشراف وزارة السياحة والآثار، ممثلةً بالمجلس الأعلى للآثار، وبتمويل من صندوق حماية التراث الثقافي التابع للمجلس الثقافي البريطاني، وبالشراكة مع وزارة الثقافة والإعلام والرياضة البريطانية. ويندرج هذا المشروع ضمن برنامج “الإرث – التراث والمناخ”، الذي أُطلق عام ٢٠٢٣ واكتمل بنجاح بنهاية عام ٢٠٢٤. ويهدف البرنامج إلى دمج الحفاظ على التراث المعماري التاريخي والأثري مع آثار تغير المناخ من خلال مجموعة من الأنشطة الفنية والمجتمعية والتعليمية.

عقب الافتتاح، تجول الوزير والمحافظ والوفد المرافق لهما في القبتين، واستمعوا إلى شرح مفصل من الدكتورة مي الإبراشي، رئيسة مجلس إدارة جمعية الفكر العمراني – مجاورة ومنسقة مشروع التراث، حول أعمال الترميم والتأهيل والأهمية التاريخية والأثرية للقبتين. كما شاهدوا فيلمًا وثائقيًا سلّط الضوء على حالة القبتين قبل مشروع الترميم، والمراحل المختلفة التي مرّت بها لاستعادة عظمتهما، كما سلّط الضوء على الجهود المبذولة لرفع الوعي السياحي والأثري لدى المجتمعات المحيطة بالمعلم، وإشراكهم في تنمية المنطقة.

في كلمته خلال حفل الافتتاح، أعرب الأستاذ شريف فتحي عن تقديره العميق للتعاون المثمر في تنفيذ مشروع ترميم قبتي يحيى الشبيه وصفي الدين جوهر، واصفًا المشروع بأنه نموذج يُحتذى به للتعاون البناء مع المؤسسات الداعمة. وأعرب عن امتنانه وتقديره للمجلس الأعلى للآثار ومؤسسة مجاورة للفكر العمراني لجهودهما الكبيرة في تنفيذ المشروع، وللسفارة البريطانية بالقاهرة والمجلس الثقافي البريطاني على الدعم المالي والفني الذي قدماه للمشروع. وأكد أن هذا التعاون يُعدّ من الشراكات المستمرة والفعالة في مجال حماية التراث.

وأكد الوزير أن الدولة ملتزمة تماما بالحفاظ على تراث مصر وتاريخها، مشيرا إلى حرص الوزارة على تحقيق التوازن بين الحفاظ على الآثار واستكشاف سبل الاستفادة الاقتصادية منها، دون المساس بقيمتها الأثرية أو الإضرار بالبيئة المحيطة.

وأضاف أن الإنجازات الفنية والمالية لهذا المشروع تعكس بوضوح الالتزام بالحفاظ على هذه المواقع التراثية. وأشار إلى أن مشروع ترميم القبتين سيُدرج ضمن المنصة التعليمية الإلكترونية التي تعتزم الوزارة إطلاقها الأسبوع المقبل، بهدف إتاحة هذا النموذج كمرجع تعليمي، وتقييم الدروس المستفادة منه في مشاريع الترميم المستقبلية.

وأعلن أيضًا أنه تم إدراج القبتين ضمن خريطة المناطق الأثرية المفتوحة للزيارة، وذلك ضمن سياسة الوزارة لإتاحة المزيد من المناطق للمصريين والسائحين وزيادة تنوع البرامج السياحية.

ضمن فعاليات الافتتاح، تفقد وزير السياحة والآثار مجموعة من الحرف اليدوية الأصيلة المستوحاة من التراث المصري، من إنتاج مجموعة من أهالي المنطقة المحيطة بقبة صفي الدين جوهر. وأشاد بجودة هذه المنتجات وتميزها، منوهًا بإبداعها المحلي الذي يعكس الهوية الثقافية للمجتمع المصري.

أكد الأستاذ شريف فتحي على أهمية دعم هذه المبادرات المجتمعية التي تُمكّن الأهالي حول المواقع الأثرية والسياحية، وتُسهم في دمجهم في جهود الحفاظ على التراث، وتُعزز مفهوم الأمن الاقتصادي السياحي، كأحد ركائز استراتيجية الوزارة. وأكد على دور هذه الأنشطة في دعم التنمية المستدامة للمناطق المحيطة بالمواقع الأثرية، وتمكين المجتمعات المحلية من الاستفادة من القيمة التراثية والسياحية لمناطقهم.

وأكد الوزير ضرورة الترويج لهذه المنتجات الحرفية وتقييمها في إطار الترويج السياحي الثقافي، بما يسهم في إبراز المكونات الثقافية الفريدة للمجتمع المصري.

وأكد الدكتور محمد إسماعيل خالد أن أعمال الترميم تمت تحت إشراف كامل من المجلس الأعلى للآثار وهو مؤسسة علمية بالدرجة الأولى، وأن المجلس يسعى دائماً إلى ضمان تنفيذ جميع مشروعات الترميم وفقاً لأعلى المعايير العلمية والدولية.

وأكد أنه قبل البدء بأعمال الترميم تم فحص القبتين بشكل دقيق، وتوثيقهما علمياً بشكل شامل، بما يضمن الحفاظ على أصالة وسلامة المعلم الأثري على أعلى مستوى.

وأشار إلى أن الفريق تمكن خلال أعمال الترميم من الكشف عن العديد من العناصر المعمارية والزخرفية، والتي وُثِّقت علميًا بدقة متناهية لعرضها في معرض منفصل خلال الفترة المقبلة، مما يُسهم في تسليط الضوء على القيمة الفنية والتاريخية لهذين المعلمَين المهمَّين.

وأعرب السفير البريطاني بالقاهرة عن فخره وشرفه العميق بالمشاركة في هذا المشروع المهم، مشيرا إلى أن تمويل الصندوق لهذين المشروعين جاء في إطار المبادرات التي أنشئت خصيصا لدعم جهود الحفاظ على التراث وتعزيز دور المجتمع المحلي في هذا الحفاظ.

وأكد السفير على حبه وتقديره العميق لمصر، وخاصة القاهرة التاريخية التي وصفها بـ”القلب النابض” للعاصمة، وقال إنها تتمتع بتراث معماري وثقافي فريد يعكس عمق الحضارة الإسلامية في مصر.

يتكون المشروع من ثلاثة محاور رئيسية، أولها ترميم قبة يحيى الشبيه (الفاطمي) في مقبرة الإمام الشافعي، وقبة صفي الدين الجوهري (المملوكي) في شارع الخليفة.

وتضمنت الأعمال التي تم تنفيذها التوثيق، وتعزيز الهياكل، وإصلاح الشقوق، والترميم الدقيق لعناصر الرخام والخشب والجص، وتنفيذ نظام الصرف الصحي وخفض المياه الجوفية، فضلاً عن تركيب كاميرات وشاشات المراقبة، بالإضافة إلى اللوحات الإرشادية والإرشادية.

كما أُعدّ دليل فني، إلى جانب فيديوهات تدريبية ومواد تدريبية رقمية وميدانية، يُبيّن أساليب الترميم المتعلقة بآثار تغير المناخ. كما نُظّمت سلسلة من فعاليات التوعية والتثقيف المجتمعي حول العلاقة بين التراث وتغير المناخ، واستُخدمت المياه الجوفية من الموقعين في الزراعة الحضرية، والصرف الصحي، ومكافحة الحرائق، وتطوير المساحات الخضراء.

تجدر الإشارة إلى أن قبة يحيى الشبيه بناها الخليفة الفاطمي الظافر بأمر الله إسماعيل أبو منصور سنة 949 هـ/1191 م. وتنسب إلى يحيى بن القاسم بن محمد المأمون بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن علي بن أبي طالب. قدم إلى مصر مع أخيه عبد الله أحمد في عهد ابن طولون. ولما وصل إلى مصر وسمع أهل مصر بقدومه خرجوا للترحيب به. توفي في مصر ودفن في مشهد في شهر رجب سنة 562 هـ/1167 م. ودفن إلى جواره أخوه عبد الله. كما دفنت داخل القبة زوجة قاسم طيب أم زرية هانم. كما تم دفن شقيق نفيسة هانم وابنه السيد يحيى بن حسن الأنوار داخل القبة.

يعود تاريخ قبة صفي الدين جوهر إلى عام 740هـ/1340م. بناها صفي الدين جوهر الناصري المالكي، المعروف أحيانًا بجوهر المدني، أحد مماليك السلطان الناصر محمد بن قلاوون. تدرج في المناصب حتى تولى منصب جاشنكير في عهد الملك المظفر بيبرس. شيّد هذه القبة عام 740هـ/1340م لتكون مدفنًا.

تتميز القبة بجمالها المعماري وحرفيتها الفنية الفريدة، حيث تحتوي على فتحات مثلثة مصنوعة من الجبس مع تطعيم زجاجي، وهي سمة مميزة للهندسة المعمارية في القرن الرابع عشر.


شارك