التعاون الدولي: مصر أجرت إصلاحات مالية ونقدية منذ مارس 2024 لتعزيز استقرار الاقتصاد الكلي

شاركت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي الدكتورة رانيا المشاط، كبيرة الاقتصاديين لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالبنك الدولي، في نقاش مفتوح أدارته روبرتا جاتي. جاء ذلك خلال اللقاء الذي نظمه البنك لإطلاق “أكاديمية النمو” لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وحضر الاجتماع ممثلون عن العديد من بلدان المنطقة، بما في ذلك المغرب وإيران وتركيا وتونس والجزائر وجيبوتي ونيجيريا. وتعمل الأكاديمية في إطار التحول الشامل لدور البنك الدولي كبنك للمعرفة، وتوسيع نطاق تبادل حلول التنمية والخبرات، وتشكيل الحوارات العالمية حول تحديات التنمية، ودعم البلدان النامية على وجه الخصوص لمواصلة رحلات التنمية الخاصة بها في ضوء التحديات العالمية المعقدة.
وفي كلمته، ركز وزير التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي على الشراكة مع البنك الدولي لضمان الاستقرار الاقتصادي الكلي من خلال الإصلاحات الهيكلية المختلفة، وزيادة الاستخدام الأمثل للموارد، وتعزيز النمو المستدام. كما تناول آليات انتقال البلدان ذات الدخل المتوسط إلى وضع البلدان ذات الدخل المرتفع. كما قدم رؤيته للتحول إلى النمو القائم على القطاعات القابلة للتداول والموجهة للتصدير وزيادة معدلات التوظيف من خلال تنفيذ سردية التنمية الاقتصادية الوطنية في مصر.
أعلنت الدكتورة رانيا المشاط أن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي تعمل على إعداد خطة تنفيذية شاملة للبلاد لتحقيق هدفها في النمو المستدام الذي يعزز تنافسيتها. ويتم تحقيق ذلك من خلال نموذج موحد للتنمية يرتكز على مزيج متكامل من السياسات والإصلاحات، مع أهداف كمية واضحة على المدى القصير والمتوسط والطويل. ويأتي ذلك استجابة للحاجة المتزايدة إلى إنشاء سردية موحدة للتنمية الاقتصادية الوطنية تعمل على زيادة التماسك بين مختلف المؤسسات الحكومية وضمان الاستخدام الأمثل للموارد من خلال توجيه الجهود الوطنية نحو الأولويات المشتركة. كما أنها تعمل على بناء اقتصاد أكثر مرونة وقادر على التكيف بشكل أفضل مع التغيرات العالمية.
وأوضح أنه سيتم اتخاذ قرارات حاسمة بشأن السياسة النقدية والانضباط المالي وأسعار الصرف في مارس/آذار 2024 بهدف الحد من الآثار السلبية للأحداث العالمية. وقد شكّل ذلك نقطة البداية لعدد من القرارات التي ساهمت في إحداث تحول كبير في محركات النمو.
وقال المشاط إنه بعد تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي بدأ الناتج المحلي الإجمالي بالتعافي، وشهدنا انتعاشاً قوياً في قطاع الصناعات التحويلية غير النفطية، وانتعاشاً في قطاع السياحة، ونمواً في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
وتطرق إلى برنامج الإصلاح الهيكلي الوطني الذي تنفذه الدولة على ثلاثة ركائز رئيسية: زيادة مرونة واستقرار الاقتصاد الكلي، وتحسين بيئة الأعمال وزيادة القدرة التنافسية الاقتصادية، ودعم التحول الأخضر.
وأكد أن مصر رغم التحديات العالمية تمتلك فرصا كبيرة بفضل مميزاتها الجغرافية وعلاقاتها القوية مع أكبر شريك تجاري لها أوروبا. وأشار أيضاً إلى الفرص المتاحة في مجالات الاستثمار والتصنيع والطاقة المتجددة. وأوضح أن التعاون الدولي يعزز الشراكات الاقتصادية الثنائية والمتعددة الأطراف للمساهمة في النمو وتوفير فرص العمل.
وأوضح المشاط أن العالم يشهد تطورات كبيرة في مجال الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة، مشيرا إلى أن على الدول النامية مواكبة هذه التطورات، لما لذلك من آثار خطيرة على فرص العمل وقدرة الدول على جذب الاستثمار وقدرتها على التحول إلى اقتصادات منتجة ومبتكرة.
وتطرق إلى أهمية الذكاء الاصطناعي وارتباطه بالعديد من قطاعات التنمية كالتعليم والصحة والصناعة. وقال إن هناك حاليا تفاوتا كبيرا في تبني الذكاء الاصطناعي في المنطقة، حيث تحقق بعض البلدان تقدما كبيرا في هذا المجال وتصبح رائدة، في حين أن بلدانا أخرى بدأت للتو أو تحاول اللحاق بالركب. وأشار إلى أنه يجب فهم أهمية الذكاء الاصطناعي وإبراز كيفية ترجمته إلى سياسات واضحة من شأنها تعزيز جهود التنمية في مختلف القطاعات.
واستطرد في حديثه بالحديث عن نتائج اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، حيث قدم البنك الدولي إطارا واضحا يتضمن خمسة قطاعات رئيسية ينبغي على الدول التركيز عليها وهي: البنية التحتية، والطاقة، والرعاية الصحية، والسياحة، والتصنيع ذي القيمة المضافة العالية. وأوضح أن هذه القطاعات الخمسة مناسبة للغاية لدول الشرق الأوسط وإفريقيا، وأن معظم هذه الدول تتمتع بفرص كبيرة في مجالات الإمكانات السياحية، والموارد الطبيعية التي يمكن استغلالها في الإنتاج، والطاقة المتجددة.
وقال المشاط إن خلق فرص العمل يمثل أولوية قصوى على أجندة الحكومة المصرية، خاصة في وقت حرج يمر به الاقتصاد العالمي. وأكد أن توفير فرص العمل النوعية يعد من أهم أهداف أي حكومة خاصة في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية المتزايدة اليوم.
وقال إن هناك زيادة في معدلات التشغيل في مصر، وأن الدولة تهدف إلى خلق فرص عمل حقيقية ومستقرة من خلال تشجيع الإنتاج المحلي، مما يساهم في خفض معدلات البطالة خاصة بين الشباب. وأوضح أن القطاع الخاص يلعب دوراً مهماً في هذه المرحلة، في تحديد المهارات المطلوبة في سوق العمل، وإنشاء مراكز التدريب المهني بناء على الاحتياجات الحقيقية من خلال إقامة شراكات فاعلة بين القطاعين العام والخاص.