وزيرة البيئة: الطاقة المتجددة مجال مضمونة العائد لاستثمارات القطاع الخاص

حضرت الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، إطلاق المرحلة الثانية من حملة “تيراميد” من أجل انتقال عادل ومستدام للطاقة في منطقة البحر الأبيض المتوسط، التي تنظمها الشبكة العربية للبيئة والتنمية (رائد). وحضر الفعالية الدكتور عماد عدلي، رئيس مكتب الشباب والبيئة العربي والمنسق العام للشبكة العربية للبيئة والتنمية (رائد)؛ وممثلون عن حملة “تيراميد” من خارج مصر؛ وممثلون عن المؤسسات الحكومية المعنية؛ وخبراء وأكاديميون؛ ومنظمات المجتمع المدني؛ وقيادات شبابية ونسائية؛ وممثلون عن وسائل الإعلام المتخصصة في القضايا البيئية. وأُقيمت الفعالية في مركز بيت القاهرة للتربية البيئية والثقافية بالفسطاط.
أعربت وزيرة البيئة، الدكتورة ياسمين فؤاد، عن فخرها وتقديرها لمسيرتها الطويلة في وزارة البيئة، والتي بدأت عام ١٩٩٨، وما رافقها من تحديات ودروس مستفادة. وأكدت استعدادها لبذل قصارى جهدها والتضحية من أجل خدمة وطننا الحبيب خلال هذه الفترة، وأشادت بالكوادر العديدة التي عملت معها بإخلاص وتفانٍ. وأكدت عزمها على مواصلة خدمة مصر والقارة الأفريقية في دورها الجديد، والتركيز على قضية التصحر، مؤكدةً على أهمية هذه القضية وضرورة وضعها في مقدمة أولويات الدولة.
أكدت الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، على أهمية المبادرة في مجال البيئة وتغير المناخ، والأهم من ذلك، انبثاقها من المجتمع المدني لتتماشى مع قرارات مؤتمر المناخ بشأن الطاقة المتجددة. وركزت بشكل خاص على منطقة البحر الأبيض المتوسط والتحديات التي تفرضها آثار تغير المناخ، وخاصةً على المجتمعات المحلية.
تحدث وزير البيئة عن جهود مصر في قطاع الطاقة الجديدة والمتجددة، ولا سيما مساهماتها الوطنية المحددة (NDCs) والهدف المتزايد المتمثل في أن يتكون 42٪ من مزيج الطاقة من الطاقة الجديدة والمتجددة بحلول عام 2030. بالإضافة إلى الفرص التعاقدية في مزارع الرياح جبل الزيت والزعفرانة ومحطة الطاقة الشمسية بنبان حتى عام 2030، تعمل وزارة الكهرباء المصرية على تنفيذ الأهداف المحددة لزيادة سعة الطاقة المتجددة المركبة إلى أكثر من 7000 ميجاوات بحلول عام 2024.
أشار وزير البيئة إلى أن استثمارات الطاقة الجديدة والمتجددة مربحة للغاية في كل من دول البحر الأبيض المتوسط والدول الأفريقية، مما يضمن ربحية استثمارات القطاع الخاص. وأشار إلى أن التحدي الرئيسي يكمن في خلق فرص واعدة للقطاع الخاص من خلال التشريعات والحوافز، والأهم من ذلك، تعزيز الشبكات، لا سيما في ظل تحديات الديون التي تواجهها الدول النامية والاقتصادات الناشئة. وتمثل القروض عبئًا جديدًا على الدول التي تواجه خيارًا بين الوفاء بالتزاماتها المناخية وتحقيق التنمية المستدامة المنشودة.
أعلن وزير البيئة أن مصر أطلقت مؤخرًا خطتها للطاقة الجديدة والمتجددة لعام ٢٠٣٠، والتي تُحدد مناطق وكميات الطاقة المُراد إنتاجها، بالإضافة إلى فرص الاستثمار وأنواعها. وأشار الوزير إلى أنه يجري حاليًا وضع جدول زمني لخطة تقوية الشبكة، إما من خلال الموازنة العامة أو بالتعاون مع شركاء التنمية.
أكد وزير البيئة أن مصر قادرة على تحقيق الهدف الطموح المتمثل في توفير ألف تيراواط لمنطقة البحر الأبيض المتوسط، مشددًا على ضرورة توفير الموارد اللازمة لتحقيق ذلك. وأكد الوزير على أهمية تأمين التمويل، مشيرًا إلى أن ذلك يتطلب تحولًا سياسيًا وتفاوضيًا حقيقيًا في النظام المالي الدولي، بمشاركة البنوك المالية الدولية والدول المتقدمة.
أكدت الدكتورة ياسمين فؤاد على ضرورة زيادة القطاع الخاص لقدراته في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة. ويجري العمل حاليًا على هذا الأمر في منطقة الزعفرانة، حيث تُبذل جهود لتوسيع وتسريع تنفيذ المشاريع القائمة في هذا المجال. وقد دعمت الحكومة هذا التوجه من خلال صياغة اللوائح القانونية. وفي عام ٢٠٢٢، وُضعت حزمة حوافز بموجب قانون الاستثمار لجذب الاستثمار في هذا المجال. وشملت هذه الحوافز إعفاءات ضريبية وجمركية لمدة ثلاث سنوات على المعدات، بالإضافة إلى إعفاءات ضريبية تصل إلى ٥٢٪، لتحفيز القطاع وتسريع وتيرة عمله.
وأضاف وزير البيئة أن هناك فرصا أكبر وأهم في استخدام الطاقة الجديدة والمتجددة لخدمة القطاع الزراعي، خاصة في منطقة البحر الأبيض المتوسط، التي تعد من أكثر المناطق تأثرا بارتفاع منسوب مياه البحار، مما يهدد المجتمعات المحلية ويتطلب حلولا مبتكرة وشاملة.
صرحت الدكتورة ياسمين فؤاد بأن التمويل الدولي الحالي غير كافٍ لمواجهة التحديات البيئية العالمية الناشئة، وخاصةً تلك المتعلقة بالتلوث البلاستيكي. وتُعدّ منطقة البحر الأبيض المتوسط من أكثر المناطق تأثرًا بهذه المشاكل. وندعو المجتمعين الدولي والمحلي، بما في ذلك الحكومات والمجتمع المدني، إلى تبني نهج متكامل يُعالج تحديات متعددة في آنٍ واحد.
وأكد وزير البيئة أن الاستثمار في الطاقة الجديدة والمتجددة في حوض البحر الأبيض المتوسط لا يحمي البيئة فحسب، بل يخلق فرص العمل ويزيد من قدرة المجتمعات على الصمود ويعزز التنمية الخالية من الكربون بما يتماشى مع المعايير البيئية.
وسوف يمكّننا هذا من ضمان انتقال عادل وتدريجي نحو الاقتصاد الأخضر، خاصة في ضوء ردود أفعالنا المفاجئة على نحو متزايد.
وأكد على أهمية دمج الحلول القائمة على الطبيعة في مبادرة تيراميد، ليس فقط لحماية المجتمعات الساحلية، بل أيضًا في مجال الأمن الغذائي والزراعة، مما يعكس الصلة العملية بين تغير المناخ والتنوع البيولوجي والتصحر. وهذا ما سيميز تيراميد حقًا عن غيرها من مبادرات الطاقة الجديدة والمتجددة في منطقتنا العربية والأفريقية، وكذلك في دول البحر الأبيض المتوسط.
أوضح وزير البيئة أن مبادرة “تيريمد” تخدم شعوب حوض البحر الأبيض المتوسط، وخاصةً المجتمعات المحلية، من خلال تأكيدها الدائم على مبدأ العدالة المناخية. وأوضح أن دول جنوب البحر الأبيض المتوسط، رغم انتمائها إلى القارة الأفريقية، ليست مسؤولة عن أزمة الانبعاثات؛ فالمسؤولية مشتركة بين الجميع.
وأكد وزير البيئة حرصه على مشاركة حملة “تيراميد” في المعرض المقرر إقامته خلال استضافة مصر لمؤتمر الأطراف في اتفاقية حماية بيئة البحر المتوسط من التلوث، المعروفة بـ”اتفاقية برشلونة”، والمقرر انعقاده في ديسمبر المقبل.
أكد الدكتور عماد عدلي، مدير مكتب الشباب العربي والبيئة والمنسق العام للشبكة العربية للبيئة والتنمية (رائد)، على أهمية المرحلة الثانية من مبادرة “تيراميد”. ومن أهم توصيات المرحلة الأولى زيادة معدل استخدام الطاقة المتجددة، ليصل إلى ثلاثة أضعافه بحلول عام ٢٠٣٠. واقترح أن تشمل هذه الزيادة منطقة البحر الأبيض المتوسط، بما في ذلك جمهورية مصر العربية، بما يُقدر بتيراواط واحد من الطاقة المتجددة. وأضاف أن الشبكة العربية للبيئة والتنمية كُلِّفت بتنسيق جهود المجتمع المدني في دول البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط، لا سيما للتوعية بالمبادرة وأهدافها قبل مؤتمر بانكوك. ونظرًا لأهمية هذه المبادرة، فقد تحقق هذا الهدف بالفعل في أربع دول عربية: مصر، وتونس، والجزائر، والمغرب.
أوضح الدكتور عماد عدلي أن المرحلة الثانية من الحملة تركز على تعزيز مكاسب المرحلة الأولى من خلال دمج توصياتها في السياسات الوطنية وخطط الطاقة. وبناءً على مشاورات وطنية ومحلية، تعمل الحملة على إعداد وثائق سياسات تشاركية بالتعاون مع الأطراف الشريكة والجهات المعنية. كما تهدف حملة “تيراميد” إلى تنمية المواهب الإعلامية البيئية من خلال برامج تدريبية متخصصة. كما تساهم الحملة في تمكين الشباب من خلال دعم المبادرات والحملات الرقمية التي تدعو إلى الطاقة النظيفة في جميع القطاعات.
تضمنت الفعالية عرضًا تقديميًا لأنشطة وإنجازات المرحلة الأولى من حملة “تيراميد” على المستويين الوطني والإقليمي، إلى جانب نقاش مفتوح حول الآليات الفعالة المقترحة لتسريع وتيرة تحقيق هدف توليد 100 ألف تيراواط من الطاقة المتجددة، وكيف يُمكن لمصر أن تلعب دورًا رائدًا في تحقيق هذا الهدف على المستويين الإقليمي والمتوسطي. كما سلّطت الفعالية الضوء على التحديات الرئيسية التي تواجه تحقيق الهدف العام للحملة في المرحلة الثانية، والفرص المتاحة التي يُمكن الاستفادة منها لضمان استدامتها، وكيفية تعزيز الشراكات بين مختلف الجهات المعنية (الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني)، والدور المنتظر من قطاعات الشباب والإعلام والمجتمع المدني في توطين أهداف الحملة.
تجدر الإشارة إلى أن حملة “تيراميد” هي المبادرة الإقليمية الأولى من نوعها في منطقة البحر الأبيض المتوسط، وتهدف إلى تسريع استخدام الطاقة المتجددة وتعزيز انتقال طاقي عادل من خلال السياسات الوطنية، والتمويل الأخضر، ومشاركة المجتمع المدني. كما تدعو حملة “تيراميد” إلى اعتماد هدف طموح يتمثل في الوصول إلى تيراواط واحد من إنتاج الطاقة المتجددة في منطقة البحر الأبيض المتوسط بحلول عام 2030، مستفيدةً من الإمكانات الهائلة للمنطقة في توليد قدرات كبيرة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وغيرها من مصادر الطاقة النظيفة. سيساهم ذلك في ضمان الأمن والاستقرار والتنمية المستدامة، ويعزز مكانة المنطقة كمركز للتعاون بين أفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط.
تتضمن المرحلة الثانية من الحملة تنسيق موقف إقليمي موحد من خلال إيصال رسائل المجتمع المدني في جميع أنحاء المنطقة. سيتم عرض هذا الموقف في مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP-30)، المقرر عقده في بيليم، البرازيل، في وقت لاحق من هذا العام. سيمنح هذا الموقف المنطقة وشركائها صوتًا مسموعًا في بناء مستقبل أكثر عدلًا واستدامة من خلال التحول إلى الطاقة النظيفة.