إلهام أبو الفتح تكتب: تشريع جديد في مجال التعليم

منذ 9 ساعات
إلهام أبو الفتح تكتب: تشريع جديد في مجال التعليم

في برنامج “صباح البلد” على قناة NNi مصر، استعرضت المذيعة نهاد سمير مقالاً للصحفية إلهام أبو الفتح، رئيسة تحرير جريدة الأخبار ورئيسة شبكة قنوات ومواقع NNi مصر. نُشر المقال في جريدة الأخبار تحت عنوان “قانون تعليم جديد”.

يناقش مجلس النواب حاليًا قانونًا تعليميًا جديدًا، يراه ملايين الآباء والمعلمين الفرصة الأخيرة لإصلاح منظومة نعاني منها بشدة. يُعنى هذا القانون بمستقبل أكثر من 25 مليون طالب وطالبة يدرسون في أكثر من 60 ألف مدرسة، وربع مليون معلم ومعلمة يعانون من ضغط العمل ومحدودية الموارد. يلجأ الكثيرون إلى الدروس الخصوصية كبديل عن وضع لا يُطاق.

يقترح مشروع القانون الجديد أحكامًا تُبشّر بإصلاح حقيقي، أبرزها مراجعة المناهج الدراسية للتركيز على الفهم والمهارات بدلًا من الحفظ والتلقين. كما يُحسّن وضع المعلمين من خلال زيادة رواتبهم وتوفير التعليم المستمر. ويقترح أيضًا دعم التعليم الفني وربطه بسوق العمل، والاعتراف بدور الأسرة كشريك مؤثر في العملية التعليمية، والسعي للحد من الدروس الخصوصية من خلال تطوير المدارس وأساليب التدريس.

من أهم جوانب القانون فكرة تعدد المسارات التعليمية التي تتيح للطلاب فرصًا متنوعة بعد المرحلة الثانوية، سواءً كانت تعليمًا عامًا أو فنيًا أو تطبيقيًا. كما يقترح نظامًا مشابهًا لـ”البكالوريوس” كمسار موحد يضمن العدالة والمرونة، ويقضي على مفهوم “التصنيف المبكر” الذي لطالما حرم الطلاب المتفوقين. إلا أن هذه الخطوة تتطلب إعدادًا شاملًا في التوجيه التربوي، وبنية تحتية متينة، وتحديدًا تغييرًا في نظرة المجتمع للتعليم الفني. ولا يتحقق ذلك بقوة القانون، بل من خلال سياسات وتطبيقات عملية على أرض الواقع.

من ناحية أخرى، لا تزال هناك أحكامٌ بحاجة إلى توضيح، مما يثير مخاوف من تكليف المعلمين بمسؤوليات جديدة دون أدواتٍ حقيقية. والأهم من ذلك، كيف سيتم تنفيذ التمويل، في ظل حاجة المدارس إلى بنيةٍ تحتيةٍ أساسية قبل أي تحولٍ رقمي؟ هناك غموضٌ يحيط بآليات تقييم الطلاب والمعلمين، مما قد يفتح الباب أمام تقديراتٍ فرديةٍ وقراراتٍ غير عادلة، واستغلالٍ من قبل بعض المعلمين عديمي الضمير. قد تكون العواقب أشد ضررًا من الدروس الخصوصية نفسها، التي تستنزف دخل الأسرة وتُمثل عبئًا اقتصاديًا تعاني منه الأسر منذ عقود.

لم يُعالج القانون التفاوت بين التعليم العام والخاص بشكل جذري، رغم تداعياته الخطيرة على مبدأ تكافؤ الفرص. علاوة على ذلك، لا يزال ربط التعليم بالتكنولوجيا يبدو بعيد المنال في المناطق التي تعاني من انقطاع التيار الكهربائي أو انقطاع الإنترنت، أو حيثما يكون بطيئًا أو متقطعًا.

للقانون جوانب إيجابية كثيرة نحتاجها، لكن نجاحه يعتمد على تطبيقه. نريد قانونًا يُشعر الطلاب بالراحة في الفصل، ويحمي المعلمين في مدارسهم، ويُخفف العبء عن الأهالي.


شارك