فضل يوم عرفة: حكم الصيام وأهم الأعمال المستحبّة فيه

ينتظر المسلمون يوم عرفة خلال الساعات القادمة، وقد أوضحت دار الإفتاء المصرية فضائل هذا اليوم المبارك الذي ينتظره المسلمون في كل مكان.
فضائل يوم عرفة على مدار العام
وردت أحاديث كثيرة في فضائل يوم عرفة، ففي صحيح مسلم عن أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده». ومعنى الحديث أن صيام يوم عرفة يكفر السنة التي قبله، ويمنع الصائم من ارتكاب الذنوب في السنة القادمة بإذن الله.
حكم صيام يوم عرفة
يستحب لمن لم يحج صيام يوم عرفة، ويكره لمن حج إذا لم يستطع القيام والصلاة. جاء في تحفة الفقهاء (1/343، طبعة دار الكتب العلمية) للعلامة السمرقندي: “إذا حال صوم يوم عرفة بين قيام الحاج وصلاته يوم عرفة، استحب تركه، لأن صيام يوم عرفة في غير هذا العام، والوقوف يوم عرفة عام لجميع الناس في السنة، ولكن إذا لم يتعارض مع ضعف فلا بأس به، ويستحب لمن لم يحج لما فيه من الفضائل بالنسبة للعامة”.
جاء في “بدايات الصنائع في تخريج الشريعة” (2/79، طبعة دار الكتب العلمية): “صيام يوم عرفة مستحب لما ورد من الأحاديث في الترغيب في صيامه لمن لم يحج، ولما له من الفضائل على غيره، وكذلك من حج ما لم يعجز عن القيام والصلاة، لأنه مكروه وإن لم يستطع منعه، إذ جمع بين عبادتين، ولأن فضل صيامه مما يجزئ في غير هذا العام”.
وفي شرح الساوي المالكي على شرحه المختصر المسمى “بلغة السالك للعقرب المسالك” (1/691، طبعة دار المعارف)، جاء ما يلي: “صيام يوم عرفة مستحب لمن لم يحج، ومكروه لمن حج، أي أن الفطر فيه يقوي الوقوف”. انتهى.
ما ينبغي للحاج فعله يوم عرفة
أما الحجاج، فيتوجهون إلى جبل عرفات يوم عرفة. فإذا طلعت شمس اليوم التاسع، يستحب لهم التبكير إلى عرفات إن لم يكونوا قد وقفوا فيها في اليوم الثامن. وعليهم التأكد من وجودهم داخل حدود عرفة، لأن الحج عرفة، بل هي ركن الحج الأعظم، لا يصح الحج إلا بها، ومن فاتته فلا يقضى، ولا يجزئه شيء من هدي أو صيام.
هناك يصلي الظهر والعصر جمعًا ويقصرهما، وهذا من السنة، لكن لو صلاهما جمعًا وأخرهما، أو صلى كل صلاة في وقتها، فلا بأس.
وينتظر الحاج في عرفات حتى غروب الشمس، ويُنصح بالتوجه إلى القبلة والإكثار من الذكر والدعاء.
الوقوف بعرفة إلى فجر اليوم العاشر، فمن وصل عرفة قبل طلوع الفجر في أي وقت من الليل فوقوفه فيها صحيح، ولا يشترط فيه الطهارة.
الوقوف في مزدلفة
ثم يتوجه الحاج إلى مزدلفة بعد غروب الشمس، ويسن له أن يصلي فيها المغرب والعشاء والفجر، ثم يمكث فيها حتى طلوع شمس اليوم العاشر يدعو الله ويذكره.
عند الحنفية، يُسنّ البقاء في مزدلفة، وعند الشافعية والحنابلة وجوبه. إلا أنهم أجازوا الخروج بعد منتصف الليل. نصف الليل الشرعي هو نصف الوقت بين غروب الشمس وطلوع الفجر. يُحسب الوقت من وقت غروب الشمس إلى طلوع الفجر، ثم يُقسم إلى نصفين، وتُضاف الساعات الخارجة عن هذا القسم إلى وقت غروب الشمس، وهو وقت منتصف الليل.
في المذهب المالكي، يكفي النزول بمزدلفة لإفراغ متاعه، لأن الإفراغ هو التفريغ، وهو كل ما يُحمل على ظهر البعير لركوبه وتجهيزه للرحلة، والوعاء الذي توضع فيه المتاع وغيره، ومكان جلوسه، وجميع ما يحمله معه.
واقتصر بعض الناس هذه المدة على ترك الأمتعة، وأداء صلاة العشاء مرتين في اليوم، وتناول الطعام والشراب خلال هذه الفترة.
وفقًا للمذهب المالكي، نفتي في دار الإفتاء المصرية. فعلى من لا يريد البقاء في مزدلفة أن يتبع من رخص له بذلك، كما ذكرنا. ومن أراد الاستفادة من الإذن بالخروج من مزدلفة بعد منتصف الليل ورمي جمرة العقبة، وخاصةً الضعفاء الذين لا يستطيعون القتال والمخاصمة، فليفعل.
وإذا خرج من مزدلفة بعد نصف الليل فإنه يذهب إلى جمرة العقبة لرمي الجمرات، وبعد نصف الليل يذهب إلى مكة للطواف والسعي حتى قبل الفجر.
ذهب الشافعية والحنابلة إلى أن أول وقت الطواف بعد منتصف الليل يوم النحر، واتفق الحنفية والمالكية على أن أول وقت طواف الفجر هو طلوع الفجر الثاني يوم النحر، فلا يصح قبل ذلك.
وتحدث وكيل وزارة الأوقاف الأسبق الشيخ محمد الكيلاني عن فضائل يوم عرفة، وقال إن يوم عرفة هو أفضل أيام السنة.
فضل يوم عرفة
وأضاف وكيل وزارة الأوقاف الأسبق، في لقاء مع الإعلامية هند النيساني ببرنامج “صباح البلد” المذاع على قناة NNi المصرية، أن يوم عرفة هو أفضل يوم تطلع فيه الشمس، مشيرا إلى أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قال نفس الشيء عن يوم عرفة وأنه أفضل الأيام وفضلها.
وقال الكيلاني إن يوم عرفة اكتسب أهمية كبيرة باعتباره يوم الترحيل الأعظم، مشيرا إلى أن جميع الحجاج بغض النظر عن أعراقهم ولغاتهم وبلدانهم يتوافدون إلى هذا اليوم ويلبون ويؤدون صلواتهم بصوت واحد.
وأوضح أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر يوم عرفة بأنه أفضل الأيام، لأنه فيه اكتمل الدين، وأتم الله على الأمة الإسلامية نعمته، وأكمل دينه. قال الله تعالى في كتابه الكريم: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ}، وسمى يوم عرفة اليوم الذي اكتملت فيه نعمته، وأكمل فيه دينه.