زيارة تاريخية مثمرة للرئيس الفرنسي إلى مصر تحمل رسائل دعم وبدء مرحلة جديدة من التعاون الاستراتيجي.

منذ 9 أيام
زيارة تاريخية مثمرة للرئيس الفرنسي إلى مصر تحمل رسائل دعم وبدء مرحلة جديدة من التعاون الاستراتيجي.

وأكدت الزيارة التاريخية والمثمرة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى مصر أن البلدين توصلا إلى توافق حول العديد من القضايا والموضوعات ذات الأولوية. ووجهت فرنسا العديد من رسائل الدعم لجهود القاهرة في ضمان الأمن والاستقرار وتعزيز السلام في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا. كما يهدف إلى تعزيز أواصر التعاون المشترك والانتقال إلى مرحلة جديدة من خلال الارتقاء بالعلاقات المصرية الفرنسية إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية.

واتفق دبلوماسيون في تصريحات خاصة لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم الثلاثاء، على أن زيارة الرئيس الفرنسي لمصر حظيت باهتمام كبير من البلدين. وتأتي الزيارة في وقت خطير وحساس للغاية، في ظل الأوضاع المأساوية التي يعيشها قطاع غزة، والحاجة إلى تنفيذ الخطة المصرية العربية سريعاً لإعادة إعمار القطاع ومنع طرد الفلسطينيين من أراضيهم. وأشارا إلى أن الثقة الكبيرة بين البلدين والصداقة الوثيقة التي تربطهما، فضلاً عن المستوى غير المسبوق الذي وصلت إليه العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، هي أمر مثالي وموضع تقدير.

وأعربوا عن تقديرهم لاستعداد الرئيس ماكرون لزيارة مدينة وميناء العريش القريب من معبر رفح الحدودي خلال زيارته لمصر، والالتقاء بأعضاء الهلال الأحمر المصري والقوات الفرنسية العاملة ضمن بعثة مراقبة الحدود التابعة للاتحاد الأوروبي التي سيتم إعادة نشرها. ويوجه هذا رسالة واضحة للعالم بأن فرنسا تدعم السلام ووقف إراقة الدماء، وتدعو إلى تقديم المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني، وتدعم الخطة المصرية العربية لإعادة إعمار غزة.

وفي هذا السياق، أكد رئيس مجلس الشئون الخارجية المصري الأسبق السفير منير زهران، أن زيارة الرئيس الفرنسي لمصر تعكس مدى عمق العلاقات القوية والمتميزة بين القاهرة وباريس. كما أعطى زخماً لمزيد من التعاون المشترك في مختلف المجالات ذات الأولوية التي تخدم مصالح البلدين وتطلعات الشعبين الصديقين.

وأشار إلى أن الرئيس ماكرون أعرب خلال زيارته عن استعداده لتسليط الضوء على الصداقة التاريخية والشراكة الاستراتيجية التي حققتها العلاقات المصرية الفرنسية، وتقديره لجهود مصر المستمرة لضمان الاستقرار الإقليمي وحتى العالمي، وجهودها في مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية التي تهدد أوروبا، واستضافتها لأكثر من 9 ملايين لاجئ.

وأكد السفير منير زهران أهمية الرسالة التي وجهها الرئيس الفرنسي خلال زيارته للعريش، وأشاد بجهود مصر في حشد المساعدات الإنسانية للفلسطينيين في قطاع غزة، وأعرب عن ارتياح بلاده لالتزام مصر بمسؤولياتها تجاه الشعب الفلسطيني.

وتطرق إلى أهمية القمة الثلاثية التي جمعت زعماء مصر والأردن وفرنسا خلال زيارة الرئيس ماكرون للقاهرة. وفي اتصال هاتفي مشترك مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أكدا على ضرورة وقف إطلاق النار الفوري في قطاع غزة، واستئناف المساعدات الإنسانية، والإفراج الفوري عن جميع الأسرى والمعتقلين، وتهيئة الظروف لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، وضمان الأمن والسلام للجميع، وتنفيذ حل الدولتين، وتعبئة الجهود الدولية.

وأشار السفير منير زهران إلى أن مصر وفرنسا تعملان معا لتعزيز علاقات التعاون بينهما بإرادة سياسية قوية لضمان المنفعة المتبادلة والاستقرار في الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب البحر الأبيض المتوسط.

قال نائب وزير الخارجية الأسبق السفير عمرو رمضان، إن زيارة الرئيس الفرنسي لمصر جاءت نتيجة للتنسيق والتشاور المستمر بين قيادتي البلدين حول القضايا الثنائية والإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، خاصة في ظل الظروف المضطربة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، بل والعالم أجمع، بعد الرسوم الجمركية الإضافية التي فرضتها الولايات المتحدة على الواردات من أوروبا وبعض الدول الأخرى.

وأضاف السفير عمرو رمضان أن الرئيس الفرنسي تربطه بالرئيس عبد الفتاح السيسي علاقات صداقة وعمل قوية، وهناك ثقة واحترام متبادلان بينهما، وأنهما عازمون على تبادل وجهات النظر والتعاون بشكل مستمر.

وأشار إلى حرص الرئيس ماكرون على أن يكون موقف فرنسا من العدوان الإسرائيلي على غزة وأرضها وشعبها مختلفا عن مواقف العديد من الدول الغربية والأوروبية. منذ اندلاع الأحداث في أكتوبر/تشرين الأول 2023، تعمل باريس على تهدئة الوضع وتشجيع بدء عملية سياسية تلتزم بالعقل والمصلحة العامة، وتحترم مبادئ القانون الدولي وأحكام القانون الإنساني الدولي. وفي هذا السياق أشار إلى أن هذه الزيارة المهمة للقاهرة أظهرت أن فرنسا مستعدة للعمل مع مصر لتحقيق هذا الهدف المشترك.

وأشار إلى أن فرنسا أعلنت بشكل واضح معارضتها لخطة التهجير القسري لإخواننا الفلسطينيين، وشددت على ضرورة العمل وفق المرجعيات الدولية المتفق عليها. وأشاد باستعداد الرئيس الفرنسي لزيارة العريش للتأكيد على موقف باريس الداعي إلى الوقف الفوري لإطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية بسرعة لأهالي قطاع غزة، وكذلك لنقل التقدير الفرنسي للدور المهم الذي تلعبه مصر في حل الكارثة الإنسانية في غزة.

وأشاد السفير عمرو رمضان بفرنسا لإعلانها دعمها القوي للخطة المصرية العربية لإعادة إعمار قطاع غزة ودعمها للحل السياسي العادل للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين لتحقيق السلام في الشرق الأوسط.

أكد نائب وزير الخارجية الأسبق السفير أيمن مشرف أن زيارة الرئيس الفرنسي للقاهرة تأتي في وقت حرج بالنسبة للشرق الأوسط عموما والقضية الفلسطينية خصوصا في ظل اعتداءات إسرائيل المتواصلة لقمع وتشريد سكان قطاع غزة.

وأشار إلى أهمية اللقاء الثنائي بين الرئيس السيسي والرئيس ماكرون، حيث مثلت القمة الثانية عشرة بين الرئيسين فرصة للتشاور الثنائي حول القضايا الإقليمية، وخاصة الأوضاع في البحر الأحمر وليبيا والسودان ولبنان وسوريا، فضلاً عن التعاون بشأن الإرهاب والهجرة غير الشرعية وقضية مياه النيل.

وأعرب عن تقديره للتوافق الذي توصل إليه البلدان بشأن العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، فضلاً عن القضايا التقليدية المتعلقة بتنمية العلاقات الاقتصادية والثقافية. وأشار إلى أن باريس تعد أحد أهم الشركاء التجاريين للقاهرة في الاتحاد الأوروبي، وأن نحو 168 شركة فرنسية تعمل في مصر، وتوفر فرص عمل لنحو 50 ألف شخص، وتشارك في مشاريع وطنية مهمة مثل المترو والقطار السريع ومشاريع الطاقة النظيفة والمتجددة.

وأكد ماكرون أن العلاقات المصرية الفرنسية نموذجية وتستند إلى الروابط التاريخية والثقة المتبادلة، مشيرا إلى أن فرنسا ترى في مصر شريكا استراتيجيا و”حجر الزاوية” لأمن واستقرار المنطقة و”توازن القوى” في الشرق الأوسط. وخاصة أنها محاطة بالأزمات من كل جانب، إلا أنها تتمتع بالأمن والاستقرار.

وأشار إلى أن فرنسا تدرك أهمية الدور الذي تلعبه الدبلوماسية المصرية في نزع فتيل الصراعات في أفريقيا والشرق الأوسط، نظراً لخبرة مصر وعلاقاتها الواسعة والتاريخية مع كافة الأطراف المعنية بالصراعات الإقليمية.

وأشار إلى أن فرنسا هي الشريك الاستراتيجي لمصر، فضلاً عن نفوذها الدولي وعضويتها في مجلس الأمن وتأثيرها في سياسات الاتحاد الأوروبي. كما أنها تؤيد بقوة خطة مصر لإعادة إعمار قطاع غزة، وترفض تهجير سكانه، وتقبل بأن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام في المنطقة.

واختتم السفير أيمن مشرف كلمته بالقول إن زيارة الرئيس ماكرون إلى العريش أقرب نقطة إلى الحرب الدائرة في قطاع غزة، وجهت رسالة فرنسية للعالم تدعو إلى وقف إطلاق النار وإنشاء ممرات آمنة لإيصال المساعدات إلى سكان غزة وإيصال المساعدات الإنسانية.


شارك