محمد بصل: استثمار الصحف في مواقع التواصل هش للغاية.. والرهان الوحيد تقديم محتوى متميز
– تعزيز قدرة المؤسسات الصحفية المصرية على المنافسة يتطلب زيادة الموارد المالية وإطلاق العنان لتقديم محتوى فريد من كل الجوانب
– مصر لازالت تمتلك الريادة في مجال صناعة الأخبار.. خبر واحد مهم في موقع مصري بيقلب أحيانًا تويتر وفيسبوك على مستوى العالم العربي
– المواقع الإلكترونية بحاجة إلى تحقيق التوازن بين تقديم الموضوعات المواكبة للتريند والاستثمار في القطع المعمقة التي تشبع حاجة القارئ الكلاسيكي
– التدريب من المشكلات المهمة التي تحتاج معالجة والحديث عنها بشكل شفاف وواضح.. ونحتاج وضع رؤية مختلفة لمنظومة القيد كاملة
تحدث الصحافي محمد بصل، مدير تحرير جريدة الشروق، ومقرر لجنة الحريات والتشريعات بنقابة الصحفيين، عن مواضيع المؤتمر والتوصيات المقترحة، والتحديات التي تواجه وسائل الإعلام وكيفية التغلب عليها.
وقال خلال لقائه ببرنامج «حروف الجر»، الذي يقدمه الإعلامي يوسف الحسيني عبر أثير إذاعة «نجوم إف إم»، إن عدد المؤتمرات التي نظمتها النقابة حتى اللحظة، لا يعبر عن مستوى المشكلات وتفاعل مؤسسات الدولة المختلفة مع التوصيات والمطالبات الصادرة عن المؤتمرات السابقة.
وذكر أن النقابة لم تعقد سوى 5 مؤتمرات فقط خلال 84 عامًا، خرجت تقريبًا بنفس التوصيات وتناولت موضوعات رئيسية تتمثل في: الأجور، والحريات، والتحديات المهنية، مشيرًا إلى تناول القائمين على المؤتمر هذا العام، مجموعة من المستجدات الدستورية، ومستجدات تمثل خطورة على الصحافة وهي انتشار الوسائط الجديدة والمنصات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي.
وأوضح مدير تحرير جريدة «الشروق»، أن الصحافة المصرية تعاني من عدم إمكانية اللحاق بركب التطور وعدم التفاعل معه بشكل كافٍ يخدم الصناعة، فضلًا عن العزوف عن شراء الصحف بشكل هائل، وارتباط الجمهور بمتابعة الأخبار عبر مواقع التواصل الاجتماعي وليس المواقع الإلكترونية.
واعتبر أن الاستثمار في مواقع التواصل «هش للغاية»، خاصة أن الشركات العملاقة مثل «ميتا» قد تقرر وقف بث المحتوى الصحفي القوي، في مقابل الاعتماد على المحتوى الترفيهي وأشكال محتوى مختلفة عن الصحافة المعتادة.
• الرهان الوحيد تقديم محتوى متميز
يرى بصل، أن «الرهان الوحيد والصالح في كل وقت للمؤسسات الصحفية المصرية هو نشر وبث محتوى متميز ومتفرد»، خاصة في ظل المنافسة القوية من المؤسسات العربية الأخرى ذات القدرة المالية الكبيرة، قائلًا إن عددًا كبيرًا من مراسلي الحرب والمناطق الساخنة، العاملين لصالح مواقع وصحف عربية، مصريون متميزون للغاية، وكانوا أبناء مؤسسات قومية وخاصة في مصر.
وذكر أن تعزيز قدرة المؤسسات الصحفية المصرية على المنافسة يتطلب زيادة الموارد المالية، وإطلاق العنان لتقديم محتوى متميز وفريد من كل الجوانب، مضيفا أن العديد من الزملاء الصحفيين نالوا جوائز على مستوى مصر والعالم العربي.
وأوضح مقرر لجنة الحريات والتشريعات بالمؤتمر العام السادس لنقابة الصحفيين، أن المحتوى المتكامل بحاجة إلى رؤية من الصحف؛ تلبي احتياجات القارئ وتصل إلى أكبر عدد ممكن، في ظل الفوضى المعلوماتية الموجودة وكم الأخبار المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدًا أن هامش الحرية سينعكس إيجابًا على جودة المحتوى.
وأكد أن المواقع الإلكترونية بحاجة إلى تحقيق التوازن بين تقديم الموضوعات المواكبة للتريند، والتي تهتم بها الأجيال الجديدة التي تمثل السواد الأعظم من المتعاملين على مواقع التواصل، والاستثمار في القطع المعمقة والقصص الكبيرة التي تشبع حاجة القارئ الكلاسيكي.
وقال إن مصر لازالت تمتلك الريادة في مجال صناعة الأخبار، معقبًا: «خبر واحد مهم في موقع مصري بيقلب أحيانًا تويتر وفيسبوك على مستوى العالم العربي، فلا وكالة أو موقع أو شبكة ظهرت استطاعت نيل هذه المكانة من مصر، لأن التأثير والمصداقية تختلف».
وشدد على أهمية تبادل الخبرات بين المؤسسات الصحفية الموجودة، في ظل وجود تجارب ناجحة بمجالات الصحافة المعمقة وموضوعات مواقع التواصل الجيدة.
• التدريب بالمؤسسات الصحفية يحتاج مقومات وشروطا
وتطرق مدير تحرير «الشروق» بالحديث إلى ملف التدريب، التي أكد أنها من المشكلات المهمة التي تحتاج معالجة والحديث عنها بشكل شفاف وواضح، ذاكرا أن مصر بها 900 ألف مدرب، كما أن بعض مراكز التدريب تدعي أنها معتمدة وتقدم كورسات لا تعود بالنفع على سوق العمل.
وأضاف أن التدريب يجب أن تكون له مقومات وشروط، تحقق المنفعة للصحفيين الشباب والكبار الراغبين في الالتحاق بركب المعرفة في الاتجاهات التكنولوجية المختلفة.
وأوضح أن المشكلة تكمن في أن الجامعات والمعاهد منفصلة عن الواقع، ما يجعل الطالب يدخل سوق العمل وهو بحاجة إلى تدريب جديد، داعيًا إلى تقنين أعداد الكليات التي تفتح في جميع التخصصات؛ لأنها تُخرج أناسا غير مؤهلة لكنها تستحق التشغيل.
واستطرد: «هؤلاء الخريجين لم يدرسوا أساسيات المهنة ولم يطوروا أنفسهم بشكل كافٍ، وفي الوقت نفسه من حقه يعمل ونوفر له وظائف، لكن بأي منطق أستوعبه في المؤسسات الصحفية وهو يفتقر لأساسيات العمل الصحفي؟».
وثمن العمل الممتاز الذي يقوم به محمد سعد عبد الحفيظ، وكيل نقابة الصحفيين رئيس لجنة التدريب، وتعاون النقابة مع مجموعة من الجهات التدريبية الكبيرة، ومنها مؤسسة هيكل للصحافة العربية؛ لتقديم مواد تدريبية معتمدة تفيد جموع الصحفيين.
وأشار بصل، إلى وجود مقترح بربط منظومة القيد بمنظومة التدريب الخاصة بالنقابة، ولجوء مجموعة من الصحف إلى الحلول التشاركية كالصناديق لتأهيل وتدريب الخريجين على أصناف وأنواع الصحافة الجديدة؛ بما يضمن اللحاق بالركب العالمي، داعيًا إلى «إحكام مسألة التدريب وتطويرها، والتبادل الواسع للخبرات بين الصحف المختلفة، واستشعار كل مؤسسة أن التعاون مثمر للجميع، من أجل خلق جيل جديد يأخذ الصحافة نحو الأمام».
• التدريب المعمق خيال علمي بدون أجور عادلة
وفي الوقت نفسه، أفاد مدير تحرير جريدة «الشروق»، بأن «بعض المؤسسات الصحفية غير قادرة الآن على استيعاب أعداد كبيرة من المتدربين، لأنها تعاني من مشكلة في إدارة المعينين ومنحهم أجورهم».
وأكمل: «مسألة التدريب ممتازة ويجب الاستثمار فيها، لكن لابد من التفكير فيها موضوع الأجور العادلة، وطالما تلك المسألة غير مؤمنة فما نتحدث عنه بمثابة خيال علمي».
وبالحديث عن مشكلة تأمين أجور الصحفيين، نوه أنها مرتبطة بسوق الإعلام والدعاية، ومناخ التشريعات الموجودة، والمشكلات القائمة في المحتوى الصحفي، ومواقع التواصل التي تستحوذ على النصيب الأكبر من الإعلانات والدعاية، مضيفًا أن «المعلنين الرئيسيين يتجهون الآن إلى مواقع التواصل والمنصات وتخلوا عن الصحف والمواقع الإلكترونية».
وذكر أن «مشكلة مستقبل الصحافة مرتبطة ببعضها وتفاصيل»، مؤكدًا أن «التصدي بشكل جاد لها يتطلب صدور توصيات من لجان تعمل لفترات محدودة على جرد تلك المشكلات واقتراح حلول لها، وإصدار دليل إرشادي للمؤسسات يساعد على تطوير الاقتصاديات والإدارات، ومخاطبة الهيئة القومية للصحافة والصحف الخاصة وتعميم مدونة للإدارة، وتهيئة بيئة عمل جيدة للمؤسسات الصحفية المختلفة».
وفي ختام حديثه، شدد بصل، على أهمية وضع رؤية مختلفة لمنظومة القيد كاملة، في ظل ما يشهده السوق من مستجدات لا تواكبها آخر لائحة لعام 2015 -2016، قائلًا: «تعريف قانون تنظيم الإعلام رقم 180 لعام 2018 للصحفية مختلف عن الموجود في تلك اللائحة، فالصحف الإلكترونية تدخل في هذا التعريف، والواقع يسبق بخطوات الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى فجوات».