مدبولي يكشف أن الديون طويلة الأجل تشكل 81٪ من المديونية الإجمالية
نشرت الصفحة الرسمية لمجلس الوزراء، مؤخرًا، مقالاً للدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بعنوان: “الدين بين لحظة الذروة ومسار التصحيح: كيف تقرأ الدولة عبء اليوم؟”.
دراسة الدين طويل الأجل
تناول رئيس الوزراء في مقاله الدين الطويل الأجل، حيث أشار إلى أن “الأرقام الحالية قد تبدو كأنها نهاية المطاف، لكن الحالة المصرية تظهر أن جوهر التحول يعتمد على حركة الدين ومصادر تمويله.” في عام واحد، أصبحت الدولة سدّادًا صافيًا للدين الخارجي، حيث بلغت المستحقات حوالي 3.4 مليار دولار، على الرغم من أن الرصيد الكلي لا يزال مرتفعًا بسبب تراكمات سابقة.
تم تحويل التزامات بقيمة 11 مليار دولار إلى استثمارات مباشرة طويلة الأجل، ما يعكس تغييرات هامة في السلوك المالي، حيث يتجه التركيز من الاقتراض قصير الأجل إلى شراكات طويلة الأمد تعزز القدرة الإنتاجية. كذلك، تمثل الديون الطويلة الأجل نحو 81٪ من إجمالي المديونية، ما يقلل من ضغوط إعادة التمويل ويوفر مساحة أوسع للإدارة المالية العامة.
الأدوات غير التقليدية لإدارة الديون
تُكمل هذه التحولات من خلال أدوات غير تقليدية لإدارة الدين، مثل آلية مبادلة الديون، حيث حققت مصر نجاحات ملحوظة في هذا المجال في عام 2024. كانت مصر واحدة من سبع دول فقط قامت بتنفيذ اتفاقات مبادلة، مما ساهم في خفض الالتزامات الخارجية واعادة توجيه الفوائض إلى مشروعات تنموية وقطاعات اجتماعية وبيئية.
تُعتبر العملية التي شاركت فيها مصر الأكبر عالميًا خلال ذلك العام، مما يبرز اعتماد الدولة على أدوات معترف بها دوليًا لتخفيف الأعباء المالية وتحويل جزء من الالتزامات إلى موارد تخدم أولويات التنمية بدلاً من استنزافها لخدمة الدين.
تحديات إدارة الدين
السؤال الأهم الآن هو: كيف يتم إدارة الدين، وما هي الأغراض التي يستخدم لأجلها، وكيف تُوزع تكاليفه زمنياً؟ فالدين الذي يضغط على الموازنة ويضر بالإنفاق الاجتماعي يختلف تمامًا عن دين يُعاد توجيهه أو يُستبدل باستثمارات تخفف أعباء السداد وتعزز النمو. تسعى الدولة اليوم نحو مسار معقد يهدف إلى الانتقال من تمويل عاجل إلى نهج مستدام وملتزم ماليًا.
آفاق مستقبلية في السياسات المالية
تدرك الحكومة أن النقاش حول الدين مرتبط بلحظة زمنية محددة، حيث تتداخل التزامات سابقة مع محاولات تصحيح لاحقة، مما يجعل الأرقام تظهر بأقصى درجات حدتها قبل أن تبدأ بالانخفاض. تشير التجارب الدولية إلى أن تكلفة التحول غالبًا ما تتمثل في البداية في ضغوط مالية مرتفعة قبل أن تظهر آثار إعادة الهيكلة وتغيير أدوات التمويل.
لذلك، يعتمد تقييم ملف الدين على منظور أكثر تعقيدًا، يميز بين الضغوط المؤقتة والخيارات الاستراتيجية. فالدولة التي تعاني من ذروة خدمة الدين ليست بالضرورة تسير في الاتجاه الخطأ، كما أن التحسن الآني للأرقام لا يعني بالضرورة تطبيق أسس اقتصادية قوية. يبقى المعيار الأهم في تقييم السياسات هو اتجاه الحركة: هل هيكل التمويل يتغير؟ هل تتقلص الاعتماد على الديون قصيرة الأجل؟ وهل تُستبدل الالتزامات بتدفقات قادرة على إنتاج قيمة مضافة مستدامة؟ عند هذه النقطة، يصبح التقييم موضوعيًا وينتقل النقاش من الأرقام إلى جوهر السياسات وتأثيرها الفعلي.