رئيس الوزراء يشارك في فعالية إطلاق “السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية”

منذ 6 ساعات
رئيس الوزراء يشارك في فعالية إطلاق “السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية”

حضر رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي اليوم إطلاق مشروع “السرد الوطني للتنمية الاقتصادية: سياسات داعمة للنمو والتشغيل”. وحضر الحفل عدد من الوزراء ونوابهم، وأعضاء مجلسي النواب والشيوخ، والسفراء، ورؤساء وممثلي المؤسسات والمنظمات، وممثلي مجتمع الأعمال، وشركاء التنمية الدوليين.

ألقى الدكتور مصطفى مدبولي كلمةً في فعاليةٍ أُقيمت بالعاصمة الإدارية الجديدة. بدأ كلمته قائلاً: “يسعدني ويشرفني أن ألتقي بكم اليوم في حفل إطلاق الإعلان الوطني للتنمية الاقتصادية، وعنوانه الفرعي “سياساتٌ داعمة للنمو والتوظيف”. وأشار مدبولي إلى أنه في ظل الاضطرابات العالمية الواسعة، ينشغل العالم أجمع حاليًا بمناقشة أهدافٍ واضحةٍ للغاية تتعلق بـ”النمو والتوظيف”، مؤكدًا على ضرورة التركيز على كلمتي “النمو والتوظيف”.

أوضح رئيس الوزراء في كلمته أن الدولة من خلال هذا السرد تحاول الإجابة على العديد من الأسئلة التي أثيرت مؤخرًا. وتشمل هذه الأسئلة: هل لدى الدولة المصرية رؤية على المدى القصير والمتوسط في ظل التحديات الحالية؟ هل لدى الحكومة رؤية لما ستفعله بعد انتهاء برنامج صندوق النقد الدولي؟ هل الدولة تدمج الأفكار ولا تعمل كجزر معزولة؟ وأكد رئيس الوزراء أن مبادرة معالجة كل هذه الأسئلة من خلال هذا السرد لم تكن بناءً على ردود الفعل، بل بدأ العمل على توحيد كل هذه الجهود بعد الحصول على ثقة الرئيس عبد الفتاح السيسي لتشكيل الحكومة الجديدة في يوليو 2024. وهذا لا يُعزى إلى المجموعة التي كانت موجودة منذ تشكيل الحكومة الحالية؛ بل يمثل جهدًا متراكمًا على مدى الفترة الماضية وجهدًا كبيرًا تم القيام به خلال فترة استثنائية للغاية.

كما تطرق الدكتور مصطفى مدبولي إلى نقطة بالغة الأهمية ينبغي على الخبراء والمواطنين الانتباه إليها، قائلاً إنه تشرف بحضور قمتين نيابةً عن الرئيس عبد الفتاح السيسي الشهر الماضي. الأولى كانت قمة التيكاد في اليابان، والثانية قمة التعاون الياباني الأفريقي، والثالثة قمة شنغهاي للتنمية في الصين، والتي حضرها عدد كبير من قادة العالم ودوله.

قال رئيس الوزراء: “لقد أشارت جميع خطابات قادة العالم، دون استثناء، إلى غياب الرؤية. كما ألمحت إلى أن ما يحدث خلال هذه الفترة هو ببساطة إدارة أزمات لم يشهد العالم مثيلاً لها منذ مئة عام، وخاصة منذ الحرب العالمية الثانية. هناك حالة من عدم اليقين والغموض الشديدين، وفوق كل ذلك، هناك أعباء اقتصادية جسيمة، لا سيما على الدول النامية، تتجلى في ارتفاع الديون وتزايد أعباء خدمة الدين العالمي”.

وأضاف أن هناك مطالب بإعادة صياغة الدور الذي تلعبه المؤسسات الدولية بدءاً من الأمم المتحدة وامتداداً إلى كافة المؤسسات المالية الدولية، مع التأكيد على ضرورة تنفيذ إصلاحات محددة داخل هذه المؤسسات لتمكينها من معالجة التحديات العديدة التي لا تستطيع معالجتها.

وتابع الدكتور مصطفى مدبولي: “كان واضحًا جليًا من جميع هؤلاء القادة أنه لا يمكن لأي دولة التغلب على هذه التحديات الكبرى بمفردها. هذا هو خلاصة ما قاله جميع قادة العالم الذين تحدثوا في هذه المؤتمرات والقمم”.

وأضاف “نحن نتحدث هنا عن قوى عظمى، وليس عن دول صغيرة يمكن وصفها بالنامية أو الفقيرة”.

أوضح رئيس الوزراء أنه رغم هذا التحدي الكبير في ظل ظروف بالغة الاضطراب، فإن دور الحكومة يتمثل في بلورة رؤية للدولة المصرية. وهذا ما تعمل عليه الدولة منذ فترة طويلة، وينصب تركيزنا اليوم على كيفية الاستفادة من جهود الدولة، لا سيما في مجال البنية التحتية والخدمات اللوجستية، للتركيز على قطاعات أكثر إنتاجية.

وقال رئيس الوزراء: «اليوم أريد أن أؤكد أنه كان يجب أن نركز على ما قاله نائب رئيس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل الفريق مهندس كامل الوزير بشأن إنشاء هذه المصانع وجذب الاستثمارات، كما أكد على ذلك وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، لو لم نركز على تطوير البنية الأساسية لمصر في السنوات الأخيرة».

وتابع الدكتور مصطفى مدبولي: “لا يمكن لأي مستثمر أجنبي أن يستثمر في بلد لا تتوفر فيه البنية التحتية اللازمة، كالطرق والطاقة والمياه والغاز والصرف الصحي، لبناء المصانع أو الاستثمار في المرافق والقطاعات والخدمات، كالسياحة. كل هذا يمنح مصر اليوم فرصةً هائلةً لإحداث نقلة نوعية في مسيرتها التنموية والنمو.”

واستشهد رئيس الوزراء بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس كمثال، موضحًا أن قرار إنشاء المنطقة اتُخذ منذ عقود، إلا أن الطفرة الأخيرة جاءت نتيجة تركيز الدولة على الاستثمار في المنطقة وتوفير البنية التحتية اللازمة على مدار السنوات الست أو السبع الماضية. وأشار إلى أن هذا أدى إلى تدفق المستثمرين الأجانب إلى المنطقة اليوم. وقال: “لقد توسعنا في حجم الأحواض والموانئ، وربطنا هذه المناطق بشبكات طرق وبنية تحتية وسكك حديدية متطورة، مما أدى إلى استثمارات كبيرة وتسريع وتيرة التنمية”.

لذلك، نؤكد في هذا السياق أن مصر، بفضل بنيتها التحتية الناجحة في السنوات الأخيرة، قادرة الآن على تركيز أولوياتها على القطاعات القابلة للتداول التي تُولّد أعلى قيمة مضافة في الفترة المقبلة. وأكد أن التجارب العالمية للدول الكبرى تبدأ بالنهج نفسه، بالتركيز على إصلاحات البنية التحتية والمؤسسية داخل الدولة، ثم الانتقال إلى القطاعات القابلة للتداول كالصناعة والسياحة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ثم الانتقال إلى المرحلة التالية – الابتكار – وأخيرًا، الانتقال إلى القطاعات شديدة التعقيد وسريعة النمو. وأكد أن مصر تتبع هذا النهج أيضًا.

صرّح الدكتور مصطفى مدبولي بأن هذا السرد يهدف إلى تجميع جهود الحكومة السابقة والحالية ورؤيتها للسنوات الخمس المقبلة. ولذلك، فهو يشمل إصلاحات في السياسات النقدية والمالية، بالإضافة إلى إصلاحات ضريبية وجمركية نحتاج إلى العمل عليها لتهيئة بيئة أكثر تشجيعًا للاستثمار والقطاع الخاص. والأهم من ذلك، ما هي الإجراءات التي ستساهم في تبسيط مناخ الاستثمار، وجذب الاستثمارات، وتشجيع القطاع الخاص على قيادة عملية التنمية بشكل فعّال في المرحلة المقبلة؟

وأوضح أن هذا النهج يرتكز على مبدأ أساسي أكدنا عليه بكل وضوح: القطاع الخاص سيقود بقوة التنمية الاقتصادية في مصر خلال الفترة المقبلة. ونحن نمهد الطريق أمامه لتحقيق ذلك.

أكد رئيس الوزراء أن الإصلاحات الهيكلية التي أجرتها الحكومة مؤخرًا أدت إلى تحسينات في العديد من المؤشرات الاقتصادية للبلاد. ونتيجةً لذلك، بلغ النمو 4.2% في الأشهر التسعة الأولى من السنة المالية الحالية، مرتفعًا من 2.4% في العام السابق. والأهم من ذلك، أن هذا النمو مدعومٌ بالقطاعات والصناعات القابلة للتداول، مثل الصناعة والسياحة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والزراعة. ويؤكد الخبراء على أن هذه القطاعات مستدامة وليست موسمية، وأن الاقتصاد يجب أن يُبنى على هذه القطاعات.

وأضاف أن الحكومة حققت فائضًا في الموازنة بنسبة 3.6% بفضل إجراءات الحوكمة، وتسعى إلى تحقيق فائض بنسبة 4% العام المقبل، وهو أعلى فائض تحققه أي دولة. وأكد أن الحكومة وضعت رؤية شاملة لجميع هذه المجالات، مشيرًا إلى أنها، بالإضافة إلى جميع الإنجازات، تتناول أيضًا مسألة الدين والخطوات المتخذة في هذا الشأن. وأشار إلى أن جميع الأرقام ستُدرج في الملخص التنفيذي للتقرير، والأهم من ذلك، في الدراسات التفصيلية التي ستُنشر بدءًا من الأسبوع المقبل.

أعلن الدكتور مصطفى مدبولي في كلمته أن الحكومة تهدف إلى خفض نسب الدين العام إلى أدنى مستوى لها في تاريخ مصر منذ بدء احتساب أرقام الدين ونسبته إلى الناتج المحلي الإجمالي. وأشار إلى اتساق هذه الأرقام في جميع السيناريوهات التي تعمل عليها الحكومة، مشيرًا إلى انخفاض التضخم بشكل ملحوظ خلال عام واحد، من 25.7% في يوليو 2024 إلى 13.9% في يوليو 2025. وأكد أن مصر تُعتبر من أكبر الدول المُرسلة للعمالة إلى الخارج، حيث تجاوزت قيمة العمالة 36.5 مليار دولار في السنة المالية الماضية، وأن معدلات البطالة انخفضت إلى أدنى مستوياتها في أربع سنوات.

كما أكد رئيس الوزراء على أهمية العمل في إطار هذا السرد لضمان استدامة عملية التنمية، وضمان بقاء معدل النمو في مصر بين 5 و7%. وأشار إلى أن السرد يُسلِّط الضوء على مجموعة من السيناريوهات لتحقيق ذلك. وأشار إلى أنه على الرغم من التحديات الجيوسياسية والخارجية التي تواجهها البلاد اليوم، وتوقعات أسوأ السيناريوهات، فإن أداء الاقتصاد المصري لا يزال مستقرًا وإيجابيًا، كما تشهد المؤسسات الدولية والقطاع الخاص المصري.

في هذا السياق، أشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى اجتماع عقده مع رؤساء المجالس التصديرية على مستوى الجمهورية قبيل انعقاد المؤتمر لمتابعة مؤشرات النمو. وأوضح أنه من المتوقع أن ترتفع الصادرات المصرية بنسبة 20% هذا العام مقارنة بالعام الماضي، وهو إنجاز كبير. وأكد على أهمية السعي للحفاظ على هذا الرقم للسنوات الخمس المقبلة، وتحقيق زيادة سنوية بنسبة 20% مقارنة بالعام السابق. وهذا سيمثل نقلة نوعية للدولة المصرية، بدلاً من مجرد تحقيق نفس الأرقام في عام ثم التراجع في العام التالي. وهذا ما نهدف إلى تحقيقه من خلال هذه الرؤية والتصور، والتي ستلتزم بها الدولة المصرية. وأوضح أن هذه الرؤية والتصور لن تكون من إعداد الحكومة، بل نقوم بتقييمها كمسودة أولية بناءً على هذه الأرقام.

لقد وحدنا كل هذه الجهود، ووضعنا استراتيجيات متنوعة، ونفذنا إصلاحات هيكلية، لا سيما في مجالي السياسة النقدية والمالية، بالإضافة إلى إصلاحات لتنشيط مناخ الاستثمار وتبسيط الإجراءات. لدينا الآن استراتيجية صناعية، واستراتيجية سياحية، واستراتيجية للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، واستراتيجية للطاقة، واستراتيجية للتوظيف، واستراتيجية للتنمية البشرية، ووثيقة للسياسة التجارية. كما حددنا كيفية تعامل مصر مع الاتفاقيات التجارية والاستفادة منها، كما قال رئيس الوزراء.

نعمل على جمع كل هذا في وثيقة واحدة، بحيث يُصبح المقترح بأكمله بمثابة رؤية للدولة المصرية بحلول عام ٢٠٣٠. وبفضل هذا، يُمكننا حتى تصوّر شكل الدولة المصرية من عام ٢٠٣٠ إلى عام ٢٠٥٠.

وتابع الدكتور مصطفى مدبولي: “ما يهمنا في هذا الصدد هو ضمان التنمية المستدامة، والحفاظ على معدلات نمو مرتفعة، وتجنب أي تعثر جديد في الفترة المقبلة. ما سنركز عليه هو جودة النمو، لنتمكن من بناء نموذج اقتصادي جديد ومتطور للسنوات الخمس المقبلة، وهذه الرؤية مسؤولية مشتركة بين الحكومة وجميع الخبراء الذين سيعملون عليها”.

أكد رئيس الوزراء أن الهدف من كل هذا هو تحسين جودة حياة المواطن المصري، مشيرًا إلى أن الأمر لا يقتصر على الأرقام والمؤشرات. ففي نهاية المطاف، يجب أن يكون لهذه الإصلاحات أثر إيجابي على رفاهية المواطن المصري في المستقبل القريب، وهذا هو هدفنا في هذه الرؤية. لذلك، نعمل على تقليص دور الدولة في الأنشطة الاقتصادية، وتعزيز دور القطاع الخاص في عملية التنمية، وقياس ذلك بأرقام ومؤشرات كمية واضحة لتقييم نجاحنا.

أود أن أقول إن المرحلة التي يمر بها العالم أجمع هي مرحلة مخاض وولادة لعالم جديد، وسنلمس تداعياتها في الفترات القادمة. لذلك، هدفنا من هذه الرواية، التي ستُنشر تفاصيلها ابتداءً من الأسبوع المقبل، هو إقامة حوار عام، حوار مع الخبراء، وتشكيل مجموعات عمل متخصصة لمعالجة كل محور من محاورها. وأوضح أن منسق هذه المحاور سيكون خبيرًا ومستشارًا مصريًا، وليس من الحكومة المصرية. وأضاف: “نأمل من خلال هذا الجهد المتواصل والحوار العام، الذي سيستمر من شهرين إلى شهرين ونصف، أن نتمكن من عرض الصورة النهائية بحلول ديسمبر المقبل، وإعلان مخطط تفصيلي لرؤية مصر للسنوات القادمة في مؤتمر شامل”.

وفي ختام كلمته، وجه رئيس مجلس الوزراء الشكر لوزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي وجميع الوزراء الذين ساهموا في الجهود والتفاصيل الواردة في هذا السرد، مؤكداً أن هذا الجهد عبارة عن مسودة، وأن المشاركة والحوار الشعبي سيبدأ خلال الشهرين المقبلين لتطوير هذا الجهد، بحيث تكون الوثيقة التي ستظهر في النهاية كوثيقة رؤية للتنمية الاقتصادية للدولة المصرية للسنوات الخمس المقبلة، ذات مؤشرات كمية واضحة تستطيع الدولة المصرية العمل بها خلال هذه الفترة، وتلتزم الدولة والحكومة وأصحاب المصلحة بتنفيذها في الفترة المقبلة.


شارك