إلهام أبو الفتح تكتب: وداعًا د. علي مصيلحي

في برنامج “صباح البلد” على قناة NNI مصر، استعرض الإعلامي أحمد دياب مقالًا للصحفية إلهام أبو الفتح، رئيسة تحرير جريدة الأخبار ورئيسة شبكة قنوات ومواقع NNI مصر. نُشر المقال في جريدة الأخبار تحت عنوان “وداعًا الدكتور علي مصيلحي”.
قالت إلهام أبو الفتح: “أحبه الجميع، من عامة الناس إلى الموظفين، من كبار السن إلى صغار السن. كانت جنازته من الكلمات التي تُقال لمن يحبون الله، ويجعل الله جنازاتهم شاهدة على قصتهم. رحل الدكتور علي المصلحي، رحمه الله، وظلت ابتسامته في ذاكرة من عرفوه دليلاً على أن الإنسانية الحقيقية لا تتحقق بالرتبة. سواء كنت موظفاً حكومياً أو مواطناً عادياً يأتي ليسأل، كان يحييك بابتسامة وكلمة طيبة. في حضرته، تشعر بالاحترام قبل أن تسمع كلمة، وتشعر أن من تتحدث إليه يصغي إليك بصدق، وليس مجرد حس بالواجب.
برحيله، أصبحت جنازته مشهدًا إنسانيًا مهيبًا. امتلأت شوارع الشيخ زايد بالحشود، وامتدت طوابير صلاة الجنازة أكثر من المعتاد. وقف رئيس الوزراء وكبار المسؤولين الحكوميين إلى جانب فلاحي الوجهين القبلي والبحري، ورجال الأعمال إلى جانب العمال؛ اجتمعوا جميعًا في حزنٍ واحد. وكأن الله قد اختار هذا اليوم ليشهد على حب الناس له، وليكتب وداعًا يليق بإرثه.
تعرفتُ عليه جيدًا من خلال لقاءاتنا العديدة، ورأيته في المؤتمرات والاجتماعات والمناسبات العامة. كان دائمًا بشوشًا ومتواضعًا ومرحّبًا بكل من يلتقيه. لم يُغيّره منصبه أو تركيزه. كان أكاديميًا في مجاله، وكرّس علمه لخدمة الجمهور. أدرك أنه يخدم في وزارة تُشرك الجميع وتخدمهم، وأن القرارات ليست مجرد أوراق وأرقام؛ بل تتعلق بالوجوه والقصص والظروف التي تحتاج إلى معالجة.
في أيامه الأخيرة، ورغم معاناته مع المرض، ظلّ منخرطًا في القضايا التي أطلقها، عازمًا على ضمان بقاء الثقة التي أوكلها إليه. كان تكريم رئيس الوزراء له قبل أسابيع من وفاته اعترافًا رسميًا بمساهمات الدولة، ولكنه لم يكن بالنسبة له سوى محطة واحدة في رحلة بدأها قبل سنوات لخدمة الشعب.
رحل بجسده، لكن روحه باقية في قلوب محبيه. إرثه يُذكرنا بأن الحب الحقيقي لا يُفرض، بل يُغرس في القلوب ويُكشف في لحظة الوداع. رحم الله الدكتور علي المصلحي، وجعل حبه للإنسانية فوق كل اعتبار.