مصر تتصدر قائمة الدول الأفريقية في ابتكار الحلول الطبيعية من قبل سكانها المحليين

منذ 5 ساعات
مصر تتصدر قائمة الدول الأفريقية في ابتكار الحلول الطبيعية من قبل سكانها المحليين

خلال مشاركته في اجتماع لجنة الشؤون الأفريقية بمجلس النواب، برئاسة وزير البيئة الدكتور شريف الجبالي، استعرض جهود وزارة البيئة في مواجهة آثار تغير المناخ وتداعياته على التصحر في أفريقيا. كما ناقش التحديات البيئية في القارة الأفريقية، وكيفية تحويلها إلى فرص تنمية مستدامة لاقتصادات مرنة، وتعزيز الاستثمار البيئي والمناخي، وضمان الاستدامة، وكيفية الاستفادة من صندوق الخسائر والأضرار في أفريقيا.

في بداية اللقاء، تلقّت الدكتورة ياسمين فؤاد تهنئةً من النواب بتوليها منصبها الجديد مديرًا تنفيذيًا لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. ويُتوّج هذا المنصب جهودها المتواصلة في خدمة القضايا البيئية محليًا ودوليًا. ووصفوها بالخطوة الجديدة التي تفخر بها مصر، بكوادرها البشرية المتميزة والمؤهلة، أمام العالم. وأكدت أن توليها هذا المنصب نابع من ثقة القيادة السياسية، وعزمها على خدمة وطنها والقارة الأفريقية في مواجهة التحدي المُلحّ المتمثل في التصحر.

أشارت الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، إلى أن اتفاقيات ريو الثلاث وُلدت معًا في تسعينيات القرن الماضي: اتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي، واتفاقية تغير المناخ، واتفاقية التصحر. وكان للدكتور مصطفى كمال طلبة، مدير برنامج الأمم المتحدة للبيئة، دورٌ محوري في صياغتها، ويُنسب للدكتور أحمد القصاص تعريف التصحر ضمن ملفات التنمية الاقتصادية والاجتماعية. إلا أنه على مر السنين، انفصلت هذه الاتفاقيات من خلال مؤتمرات الأطراف، والتي تشرفت مصر باستضافتها. وخلال رئاسة مصر لمؤتمر التنوع البيولوجي الرابع عشر (COP14)، وجّه الرئيس رسالةً قويةً للعالم، داعيًا إلى ضرورة ربط مسارات الاتفاقيات الثلاث لتحقيق أهداف التنمية المستدامة المنشودة.

وفيما يتعلق بقضية مكافحة تغير المناخ والظواهر الجوية المتطرفة، وهي قضية مهمة، حرصت مصر على تنفيذ إجراءات مختلفة، بما في ذلك إطلاق الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ 2050 والمساهمات المحددة وطنياً، والتي من خلالها حققنا أهداف خفض الانبعاثات في قطاعات الكهرباء والبترول والنقل من 2018 إلى 2022. وقد تجلى ذلك عندما قدمت مصر تقريرها الأول للإبلاغ والشفافية في عام 2024، بالتوازي مع التوسع في مشاريع الطاقة الجديدة والمتجددة ومشاريع حماية السواحل ومشاريع التكيف.

قال وزير البيئة إن الحفاظ على التنوع البيولوجي ليس منفصلاً عن تغير المناخ والتصحر، مما خلق الزخم لإطلاق المبادرة الرئاسية لربط الاتفاقيات الثلاث والتحرك نحو مشاريع تعالج تحديات متعددة. واستشهد بتجربة مصر في تنفيذ تدابير حماية السواحل في العديد من المحافظات الساحلية ودلتا البحر المهددة بآثار ارتفاع مستوى سطح البحر. وقد تم اعتماد حلول قائمة على الطبيعة من خلال بناء الحواجز، مما ساعد في الحفاظ على استقرار السواحل والكثبان الرملية وضمان استدامة سبل العيش للمجتمعات المحلية. وهذا يساعد على تحقيق هدف التكيف مع تغير المناخ ويعكس أيضًا الحفاظ على التنوع البيولوجي. وقد تم ذلك بالتعاون مع وزارة الري، ومنذ عام 2017، تم بناء ما يقرب من 80 كم من الحواجز في العديد من المحافظات بتكلفة 7 مليارات جنيه مصري، مما وضع مصر في المرتبة الأولى في إفريقيا من حيث الابتكار المحلي في الحلول القائمة على الطبيعة.

أشار وزير البيئة إلى أن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر أُطلقت خصيصًا لأفريقيا، وانضمت إليها العديد من دول العالم، مما يُظهر مدى تأثر القارة بهذا التحدي. ولذلك، فإن إطلاق مبادرة التكيف الأفريقية، التي أطلقها الرئيس نيابةً عن المجموعة الأفريقية في مؤتمر باريس للمناخ عام ٢٠١٥، يُتيح للقارة الأفريقية التحدث بصوت واحد والتعبير بوضوح عن احتياجاتها لأول مرة. وتعكس المبادرة الاحتياجات الحقيقية للقارة فيما يتعلق بالتكيف، وخاصةً الأمن الغذائي ومكافحة التصحر وتوسيع الرقعة الزراعية. وقال: “التصحر تحدٍّ يُلقي بظلاله على العالم أجمع ويؤثر على الأمن والاستقرار”. لقد تحوّل التصحر من مشكلة تقنية إلى مشكلة سياسية واجتماعية واقتصادية.

أكدت الدكتورة ياسمين فؤاد أن مصر تلعب دورًا هامًا على المستويين الإقليمي والعالمي. وقد عملت على حشد التمويلات الأولى لمشاريع الأمن الغذائي في شمال وشرق أفريقيا، التي أصبحت أولوية عالمية نظرًا لتغير وضع سلاسل التوريد، وارتفاع تكلفة الغذاء، وتكرار النزاعات والحروب في العديد من الدول، والهجرة غير الشرعية، فضلًا عن المشاركة القوية للقطاع الخاص في مشكلة الأمن الغذائي. ولهذا السبب، طُرحت اتفاقية مكافحة التصحر على المستوى السياسي منذ عام ٢٠٢٢ تحت مسمى جديد: إعادة تأهيل النظم البيئية، وربطها بين الغذاء والطاقة والمياه، مما يجعلها أكثر جاذبية للدول المتقدمة.

أكدت الدكتورة ياسمين فؤاد على أهمية تكرار تجربة توسيع نطاق الطاقة الجديدة والمتجددة، التي شارك فيها عدد من بنوك التنمية الدولية، للمساعدة في تقليل مخاطر الاستثمار على القطاع الخاص. ولذلك، نتطلع إلى تقليل مخاطر الاستثمار في مجال الأمن الغذائي، وتطوير منتجات أكثر مرونة في مواجهة آثار تغير المناخ.

تحدث معاليه عن دور مصر في إنشاء صندوق الخسائر والأضرار خلال رئاسة مؤتمر الأطراف السابع والعشرين للمناخ، وتفعيله في المؤتمر القادم، مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين في دبي، وبدء حشد الموارد له في مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين للمناخ في أذربيجان، واستكماله في المؤتمرات اللاحقة. وتُعدّ مصر حاليًا عددًا من المشاريع لمواجهة أضرار تغير المناخ. كما تحرص مصر على الحد من آثار تغير المناخ من خلال إجراءات استباقية، منها خريطة تفاعلية لتغير المناخ تُقدم رؤية للآثار طويلة المدى لتغير المناخ على كل منطقة. كما تُشكّل فريقًا فنيًا وعلميًا لحصر الخسائر والأضرار وتحديد كيفية حشد الأموال اللازمة.

استمعت الدكتورة ياسمين فؤاد إلى هموم واستفسارات النواب، مثل كيفية الاستفادة من صندوق الخسائر والأضرار، وآليات تبادل الخبرات مع الدول الأفريقية، وتغيير الخارطة الزراعية لمواجهة تحديات تغير المناخ. وأكدت الوزيرة على أهمية اتفاقية مكافحة التصحر لأفريقيا، إذ أن 45% من أراضي القارة متأثرة بالتصحر، والباقي معرض له. كما أن بعض الدول الأفريقية أكثر عرضة للخطر لعدم اعتمادها على اقتصاد متنوع، مما يؤثر على سبل عيشها.

صرح وزير البيئة بأن نظام الإنذار المبكر يُطبق كنظام أنشأته وكالة الفضاء الأفريقية على المستوى القاري، ويوفر البيانات اللازمة. في مصر، تأتي الخريطة التفاعلية ثمرة تعاون بين وزارة البيئة وهيئة البحوث العسكرية، وبيانات الأرصاد الجوية التاريخية، وبيانات وزارة الموارد المائية والري، لتُدمج في نماذج رياضية تُقدّر الآثار المناخية طويلة المدى. إضافةً إلى ذلك، تم إعداد خطة لموجات الطقس المتطرفة، بناءً على تحديد دور كل مؤسسة حكومية في غرفة إدارة الأزمات عند مواجهة هذه الموجات. على سبيل المثال، في الإسكندرية والمحافظات الساحلية الأخرى، كانت لدينا رؤية لكيفية إدارة الأزمة في حال حدوث ظواهر جوية متطرفة كالأمطار الغزيرة أو الفيضانات.

أوضح وزير البيئة أن البيئة ليست مشكلة وطنية، بل هي قضية ذات أبعاد دولية. وقد لعبت مصر دورًا قويًا في العمل متعدد الأطراف في مختلف المحافل الدولية منذ عام ٢٠١٥، وقادت هذا العام التحضيرات لاستضافة اتفاقية برشلونة لحماية البحر الأبيض المتوسط من التلوث. وهي لاعب قوي على المستويين الإقليمي والدولي، ويُقدم تطبيقها الوطني نماذج يمكن للدول الأخرى الاقتداء بها في مواجهة التحديات والوفاء بالتزاماتها الدولية.

أكدت الدكتورة ياسمين فؤاد أننا شهدنا مؤخرًا تغييرًا في صورة البيئة، لتصبح حافزًا للتنمية والاستثمار. فعلى سبيل المثال، في تحدي حرق قش الأرز، حوّلناه إلى فرصة للمزارعين لإعادة تدويره والاستفادة منه، وأعددنا أدلة إرشادية لدعم هذا القطاع. ورغم أن وزارة البيئة لا تُجري دراسات تقييم الأثر البيئي، وهي الجهة المسؤولة عن اعتمادها، إلا أن الوزارة نفذت دراستين هامتين: دراسة تقييم الأثر البيئي الاستراتيجي للمنطقة الساحلية الشمالية الغربية مع وزارة الإسكان والتنمية السياحية، ودراسة لمنطقة جنوب البحر الأحمر، التي تُعتبر من كنوز مصر الطبيعية، وخاصةً في البحر الأحمر الغني بالتنوع البيولوجي. وقد عُرضت الدراستان على مجلس الوزراء لتوجيه المستثمرين وتوضيح المعايير اللازمة.

فيما يتعلق بملف البلاستيك، شرحت الدكتورة ياسمين فؤاد آخر مستجدات المفاوضات الرامية إلى التوصل إلى اتفاقية عالمية ملزمة للحد من تلوث البلاستيك. ويجري العمل حاليًا على صياغة آلية لخفض إنتاج البلاستيك، وتحديد الصناعات التي يمكن استبدالها بالبلاستيك، والصناعات التي يُعدّ فيها البلاستيك مكونًا أساسيًا لا غنى عنه. وأشارت إلى أن مصر بدأت بالأكياس البلاستيكية أحادية الاستخدام، ونعمل على إيجاد بدائل لها. وخلال العامين الماضيين، وبالتعاون مع اتحاد الصناعات، بدأنا في إطلاق الاستراتيجية الوطنية للحد من استخدام الأكياس البلاستيكية أحادية الاستخدام، ثم عدّلنا مواصفات إنتاج هذه الأكياس، وعملنا مع وزير الصناعة على إيجاد بدائل مناسبة. وأدرجنا إنتاجها ضمن نطاق الحوافز الخضراء في قانون الاستثمار الجديد، ثم أصدرنا قرارًا بشأن توسيع نطاق مسؤولية المنتج. كما أطلقت وزارة البيئة حملة وطنية للتوعية بأضرار البلاستيك بعنوان “قلل”.


شارك