اكتشاف أثري حديث في تل الفرعون بالشرقية.. آثار مدينة “إيمت”

أعلنت وزارة السياحة والآثار عن اكتشاف أثري جديد بموقع تل الفرعون (تل نباشة) بمنطقة الحسينية بمحافظة الشرقية. ويأتي هذا الاكتشاف في ختام موسم التنقيب الحالي الذي تقوده البعثة الأثرية البريطانية من جامعة مانشستر.
أعرب وزير السياحة والآثار، شريف فتحي، عن تقديره لهذا الاكتشاف الذي يُلقي الضوء على إحدى أهم المدن التاريخية في دلتا النيل. وأكد أن الوزارة تُولي أهمية بالغة لدعم البحوث والحفائر في جميع أنحاء البلاد، في إطار جهودها للحفاظ على التراث الثقافي، وتعزيز السياحة والتنمية الثقافية، بما يتماشى مع خطط الدولة للتنمية المستدامة.
أوضح الدكتور محمد إسماعيل خالد، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أن أعمال التنقيب ركزت على التل الشرقي، معتمدةً على تقنيات الاستشعار عن بُعد وصور أقمار لاندسات، والتي كشفت عن أكوام كثيفة من الطوب اللبن في بعض الأماكن. وكشفت أعمال التنقيب الفعلية عن مبانٍ سكنية، يُرجَّح أنها تعود إلى أوائل أو منتصف القرن الرابع قبل الميلاد. وتضمنت هذه المباني ما يُعتقد أنها “أبراج سكنية”، وهي مبانٍ متعددة الطوابق مصممة لإيواء أعداد كبيرة من السكان، ذات جدران أساس سميكة للغاية لتحمل وزن المبنى. وقد انتشرت هذه المنازل بشكل خاص في دلتا النيل من العصر المتأخر إلى العصر الروماني. كما كشفت البعثة عن مبانٍ أخرى استُخدمت لأغراض خدمية، مثل مخازن الحبوب أو ملاجئ الحيوانات.
في موقع المعبد، عثرت البعثة على أرضية كبيرة من الحجر الجيري وبقايا عمودين كبيرين من الطوب اللبن، يُحتمل أنهما كانا مغطى بالجص. ويُعتقد أن هذه البقايا تعود إلى مبنى شُيّد على الطريق الاحتفالي الذي يربط مبنى العصر المتأخر بمعبد وادجيت، مما يشير إلى أن هذا الطريق لم يعد مستخدمًا بحلول منتصف العصر البطلمي.
تم ترميم معبد وادجيت في عهد الملك رمسيس الثاني، ثم تم ترميمه مرة أخرى في عهد الملك أحمس الثاني، واستخدم كمحجر في العصر الأخميني.
أكد الأستاذ الدكتور محمد عبد البديع، رئيس قطاع الآثار المصرية، أن هذا الاكتشاف يُثري المعرفة الأثرية بالمنطقة، ويُسهم في فهم طبيعة الحياة اليومية والعبادة في العصرين البطلمي المتأخر والمبكر. ومن أهم الاكتشافات الأثرية المكتشفة الجزء العلوي من تمثال أوشابتي مصنوع من بلاط أخضر عالي الدقة، يعود تاريخه إلى الأسرة السادسة والعشرين، ولوحة حجرية تُصوّر الإله حورس واقفًا على تمساحين يحملان ثعبانًا، تعلوها صورة للإله بس، وآلة موسيقية برونزية (سيستروم) مزينة برؤوس الإلهة حتحور، تعود إلى نهاية العصر البطلمي المتأخر.
في هذا السياق، أشار مدير البعثة، الدكتور نيكي نيلسن، إلى أن مدينة إيميت كانت من أهم المراكز السكانية في مصر السفلى، وخاصةً خلال عصر الدولة الحديثة والعصر المتأخر. وقد تميزت بوجود معبد ضخم مُخصص لعبادة الإلهة وادجيت، ولا تزال آثاره قائمة في الجانب الغربي من الموقع.
ويمثل هذا الاكتشاف خطوة جديدة نحو استكمال الصورة الأثرية والتاريخية لمدينة إيميت ويمهد الطريق لدراسات مستقبلية من شأنها أن تساعد في الكشف عن أسرار هذه المدينة القديمة.