الإيمان القوي والتلاحم مفتاحا عزة الأمة الإسلامية وريادتها

ألقى خطبة الجمعة اليوم فضيلة الأستاذ الدكتور ربيع الغفير، أستاذ اللغويات المساعد بالجامع الأزهر، وكان موضوعها “العام الهجري ووحدة الأمة”. وأكد على أهمية التمسك بالوحدة لتحقيق عزة الأمة الإسلامية وقيادتها، وإلا أصبحت تابعة لغيرها من الأمم. كما أكد على أن الإيمان الصادق والتمسك بمنهج الله تعالى هو ما مكن الأمة الإسلامية من تبوء مكانة مرموقة بين الأمم في بداياتها، مما سهل ظهور الحضارة الإسلامية وانتشارها في جميع أنحاء العالم. لقد كانت هجرة النبي صلى الله عليه وسلم تمهيدًا للمرحلة الكبرى التي ستظهر عليها الأمة الإسلامية لاحقًا. فكم نحن بحاجة إلى استلهام دروس هجرة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتجاوز العقبات التي تقف اليوم حجر عثرة في طريق استقرار الأمة وأمنها.
وأكد معالي الدكتور ربيع الغفير أن على كل فرد في هذه الأمة اليوم أن يستشعر الخطر الذي يحيط بها من كل جانب وأن يقوم بدوره على أكمل وجه لحماية وطنه والحفاظ على مجتمعه؛ لأن المنعطف خطير للغاية ولا يمكن تجاوزه إلا بوحدة الأمة وتكاتفها وصبر أبنائها وثباتهم؛ لأن أيام الخطر ليست كغيرها من الأيام، فهي تتطلب الصبر والتسامح وتغليب المصلحة العامة وتجنب إثارة البلبلة والتحقق من كل ما يقوله ويكرره، حتى لا يتسبب في انتشار الشائعات التي من شأنها إضعاف الجبهة الداخلية للمجتمعات.
نصح خطيب الجامع الأزهر أبناء جميع الأمم بالتسلح بالإيمان والصدق في كل شيء، لأن النبي صلى الله عليه وسلم في جميع الآيات التي أنزلها عن ربه عز وجل، والتي وعد فيها عباده بالنصر، قد علق عليهم الإيمان. يقول الله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ}. ومن ذلك قول الله تعالى: {إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا الأعناق واضربوا رؤوسهم كل بنان}. لم يستطع المسلمون الأوائل الصمود أمام الهجمات الوحشية التي نراها اليوم من المغول والتتار بفضل إيمانهم ووحدتهم، وهذا ما نحتاجه اليوم لوقف هذه الهجمات الوحشية. أدعو أبناء الأمة الإسلامية ألا ييأسوا ولا ييأسوا رغم كل ما يحدث حولنا من ظلم وجور في كل مكان، فالدول وإن ضعفت فإنها لا تموت، وخاصة إذا كانت على الحق. سيأتي اليوم الذي ينتصر فيه أهل الحق وتعود الحقوق إلى أصحابها.
وفي ختام الخطبة، دعا خطيب المسجد الأمة إلى الحذر من الأحداث المحيطة بالعالم، والتمسك بحبل الله المتين، وعدم التفرق على ما يفرق الأمة ويسبب الفرقة والشقاق بين أعضائها. قال الله تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا وَلَا تَهِنُوا تَذْهَبُ رِجَحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}. بل على العكس، يجب على المؤمنين أن يتحدوا في جميع الظروف المحيطة بالأمة، وألا ينساقوا وراء الشائعات والتحليلات المغرضة من غير المؤهلين لها، بل يجب ألا ينحنوا لمن جاء. بل يجب عليهم التمسك بحبل الله المتين، وعدم الوقوع في التفرقة. لأن في ذلك النجاح والفوز المبين في الدنيا والآخرة.
فإنه لا يأتي من أحد، ولا ينبغي لهم التسليم له، بل عليهم أن يعتصموا بحبل الله المتين، ولا يتفرقوا، فإن في ذلك النصر والفوز المبين في الدنيا والآخرة.