د. مايا مرسي: المجتمع الأهلي في مصر أصبح ركنًا أساسيًا في منظومة التنمية وليس مجرد طرف مساعد.

شهدت وزيرة التضامن الاجتماعي الدكتورة مايا مرسي والسفيرة نبيلة مكرم رئيس الأمانة الفنية للتحالف الوطني للعمل المدني التنموي إطلاق وثيقة “رؤية مجتمعية لتطوير منظمات المجتمع المدني: الطريق نحو الاستدامة والأداء المهني” التي أعدتها مؤسسة مصر الخير عضو التحالف الوطني للعمل المدني التنموي. حضر اللقاء الدكتور محمد رفاعي الرئيس التنفيذي لمؤسسة مصر الخير، والدكتورة عهود وافي رئيس مجلس أمناء مؤسسة حياة كريمة، وعدد من الشخصيات العامة.
وأعرب وزير التضامن الاجتماعي خلال المؤتمر الصحفي عن تشرفه بالتواجد هنا اليوم لإطلاق الرؤية الاجتماعية لتطوير قطاع المنظمات غير الحكومية في مصر. كما أعرب عن شرفه بتقديم هذه الوثيقة المرجعية التي تجسد رؤية لمستقبل عمل المجتمع المدني وتحدد إطارا استراتيجيا يرتكز على واقع الوضع واحتياجات التنمية. ويدافع عن قيمة المجتمع المدني ليس كمكمل بل كعنصر أساسي وشريك استراتيجي في تحقيق التنمية المستدامة. هذه الوثيقة هي نتاج حوار موسع وتأمل وخبرة ميدانية حقيقية قادتها بنجاح مؤسسة مصر الخير التي أنشئت قبل 18 عامًا. وهي إحدى المنظمات غير الحكومية الأكثر التزامًا وابتكارًا في مصر، وشريك استراتيجي لوزارة التضامن الاجتماعي. وهي خارطة طريق ترسم المستقبل وتقدم الدعم الفني والاستشاري، استناداً إلى تجارب ميدانية موثقة ومنهجيات علمية متقدمة وأفضل الممارسات الدولية في إدارة وتنمية منظمات المجتمع المدني.
وأكدت الدكتورة مايا مرسي أن مؤسسة مصر الخير أثبتت على مر السنين أنها من أكثر المؤسسات التزاما بنهج التنمية، ليس فقط من حيث الحجم، ولكن أيضا على أساس التأثير المستدام والتوثيق العلمي والانضباط المؤسسي. وأشار وزير الخارجية المصري إلى أن هناك تحولاً جذرياً في مناخ نشاط المجتمع المدني في مصر، وأن دستور 2014 يؤكد على الدور المهم الذي تلعبه منظمات المجتمع المدني في تحقيق التنمية الشاملة. لقد فتحت مصر فصلاً جديداً في إعادة تأهيل هذا القطاع كشريك حقيقي في بناء الوطن. لم يعد المجتمع المدني في مصر مجرد طرف مساعد، بل أصبح أحد ركائز منظومة التنمية الثلاثة، إلى جانب القطاعين العام والخاص.
أقرت الدولة المصرية قانوناً ينظم عمل منظمات المجتمع المدني، ويؤسس لأول مرة إطاراً قانونياً عصرياً يضمن حرية تكوين الجمعيات والشفافية والمساءلة وحماية منظمات المجتمع المدني من أي تدخل إداري ظالم. كما ضمنت المشاركة غير المقيدة للجمعيات في مشاريع التنمية الوطنية وفتحت الباب أمام التمويل المحلي والدولي في إطار حوكمة كاملة. ومن خلال إعلان عام 2022 “عام المجتمع المدني”، قدم الرئيس عبد الفتاح السيسي أقوى رسالة مفادها أن التمكين الحقيقي يبدأ بالشراكة، ويستمر بالثقة، ويتوسع بالمعرفة. وجاءت الإشارة الثانية مع إقرار قانون التحالف الوطني للعمل التنموي المدني، الذي يضم أكبر منظمات المجتمع المدني، فضلاً عن المنظمات الشعبية.
وأوضحت وزيرة التضامن الاجتماعي أن الثقة في المجتمع المدني في مصر تشكل تحديا كبيرا للمجتمع المدني. هل نحن مستعدون للتحول من دور الرعاية إلى دور التمكين؟ هل ننتقل من منطق المساعدات إلى منطق الشراكة في التنمية؟ من الخدمة المؤقتة إلى التأثير المستدام؟ الجواب: نعم… وبصوت قوي. ولم يتوقف المجتمع المدني أبدًا عن تقديم أفكار إبداعية من أجل حياة أفضل وحلول حقيقية. وفي ظل الأزمات المتلاحقة التي تعصف باقتصاد بلادنا، تحول المجتمع المدني المصري من مؤسسة تساعد الأفراد والأسر إلى مؤسسة تتولى مهام التخطيط والبناء والتثقيف والحكم، وتعمل بالتضامن والتعاون مع مؤسسات الدولة والقطاع الخاص.
في بداية عام 2025، تجاوز عدد منظمات ومؤسسات المجتمع المدني المسجلة 35 ألف منظمة، تعمل آلاف منها بشكل نشط في قطاعات التعليم والصحة والتمكين الاقتصادي والحماية الاجتماعية ووزارة التضامن الاجتماعي. تعتبر منظمات المجتمع المدني المصرية هي الأجهزة التنفيذية لوزارة التضامن الاجتماعي في كافة البرامج والمشروعات التي يتم تنفيذها في كافة المحافظات على مستوى الجمهورية. ولا يهدف فقط إلى دعم المجتمع المدني، بل أيضاً إلى مساعدته وتسهيل عمله وإزالة أي عقبات قد تواجهه.
وتعمل وزارة التضامن الاجتماعي على تعزيز هذا التحول من خلال تسهيل إجراءات إنشاء وتنظيم أوضاع الجمعيات والمؤسسات التي تجاوز عددها 29 ألف جمعية ومؤسسات خلال ثلاث سنوات وفقا للقانون الجديد. كما نفذ الرقابة الإيجابية، ليس لفرض السيطرة ولكن لضمان النزاهة والمساءلة. تجاوز حجم الأموال التي حصل عليها المجتمع المدني المصري من المنظمات المانحة خلال الفترة 2021-2024، 22 مليار جنيه مصري، فيما تجاوز حجم الموارد التي تم الحصول عليها من خلال تراخيص جمع التبرعات 26 مليار جنيه مصري. تم توجيه هذا الصندوق إلى مشاريع ملموسة في مجالات الصحة والمياه والصرف الصحي ودعم الأشخاص ذوي الإعاقة وتمكين المرأة اقتصاديًا وتوفير السكن اللائق وبناء المستشفيات والتعليم المجتمعي. ونحن نعمل حاليًا على أتمتة قواعد بيانات الجمعيات، وتحسين المساءلة والحوكمة، وتعزيز إدارة الجمعيات للمعلومات، وبناء شراكات ذكية مع القطاع الخاص والجهات المانحة الدولية.
وأكدت وزيرة التضامن الاجتماعي أن المجتمع المدني الذي نستهدفه يجب أن يكون لديه مهارات الإدارة الجيدة والنوايا، ويعرف كيف يأخذ المبادرة ويستطيع توجيهها في الاتجاه الصحيح.
فهو يربط بين العدالة الاجتماعية والاستدامة البيئية والتمكين الاقتصادي، ويتحدث لغة البيانات والتأثير والحوكمة، وليس العاطفة فقط.
ووجهت الدكتورة مايا مرسي رئيس مجلس أمناء مؤسسة مصر الخير، الشكر لعلي جمعة.
أكدت رئيسة الأمانة الفنية للتحالف الوطني للعمل التنموي المدني السفيرة نبيلة مكرم أن العمل التنموي المدني اتخذ معنى جديدا في الآونة الأخيرة. ونسمع مفهوم المجتمع المدني باعتباره الركيزة الثالثة وطليعة التنمية الاجتماعية، وغيره من المصطلحات التي تعكس إيمان القيادة السياسية والرئيس عبد الفتاح السيسي بأهمية العمل التنموي المدني.
وأشادت السفيرة نبيلة مكرم بالدور والجهود الهامة التي تبذلها مؤسسة مصر الخير في دعم العمل التنموي المدني، وهنأت بالذكرى الـ18 لتأسيس وبدء عمل مؤسسة مصر الخير من خلال إصدار هذه الوثيقة، مشيرة إلى أن المؤسسة ظلت موجودة دائمًا وتقوم بدورها بنجاح وفعالية.
وأوضح أن هناك شراكة بين القطاع الخاص والمجتمع المدني والدولة. وفي حين يتمتع القطاع الخاص بالموارد والابتكار، فإن المجتمع المدني يتواصل مع المواطنين من خلال الشراكات ويصل إلى الفئات المستهدفة الحقيقية، مما يخلق تغييراً حقيقياً في نوعية الخدمات المقدمة وتوفير فرص العمل والتنمية.
وأوضح أن هذا النجاح يتحقق عندما يكون هناك تعاون، ويكون هناك التزام أخلاقي ومعنوي لتلبية هذه الاحتياجات، وعندما يحدث هذا يحدث التأثير.
كما هنأت السفيرة نبيلة مكرم مؤسسة مصر الخير على حصولها على المركز الأول في مسابقة الناس الطيبين وجائزة التأثير في المسئولية المجتمعية.
ويعكس التطور الفعلي وإعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي عن إنشاء التحالف الوطني إيمان القيادة السياسية بأهمية ودور المجتمع المدني، وتحسين الأداء والتنسيق وتوحيد قاعدة البيانات والقضاء على ازدواجية الاستفادة من خلال قاعدة بيانات موحدة. إن الاستدامة لا تعني الاستمرارية فحسب؛ وهذا يعني أيضًا مواجهة التحديات والتكيف مع التغييرات فور ظهورها.
وأوضح أن التحالف الوطني عمل أيضاً على تطبيق مفهوم الدبلوماسية الإنسانية من خلال إيصال المساعدات خارج حدود البلاد إلى غزة والمناطق الأخرى، وبالتالي تحسين الخدمات المقدمة لأن الصعوبات التي نواجهها تحسنت أيضاً.
واختتمت السفيرة نبيلة مكرم كلمتها بالترحيب بمؤسسة مصر الخير للعمل التطوعي وإطلاعهم على كيفية تشجيع شبابنا والتوفيق بين ذلك والولاء والانتماء للدولة، وكيف يمكننا ربط المتطوعين بالتنمية المستدامة وكيف يمكننا تضمين المبادئ والاستراتيجيات لتحقيق المشاركة والنجاح. ففي نهاية المطاف، أولئك الموجودون في الميدان هم متطوعون. أهنئ مؤسسة مصر الخير على إصدار هذه الوثيقة في الذكرى الثامنة عشرة لتأسيسها. وأيضاً الدكتور رئيس مجلس أمناء مؤسسة مصر الخير الذي لا يتردد ولا يؤجل ولا يماطل طالما كان الأمر خيراً. وأحيي أيضًا علي جمعة بكل احترام.
من جانبه، قال الدكتور محمد رفاعي، الرئيس التنفيذي لمؤسسة مصر الخير، إن المؤسسة جزء لا يتجزأ من المجتمع، ولذلك تعمل بكل الطرق على تنميته وتحقيق رؤية مصر 2030. وأضاف أن مؤسسة مصر الخير لا تهتم فقط بتلبية الاحتياجات الإنسانية الأساسية، بل تهتم أيضًا بتنمية الإنسان والمجتمع بشكل عام. ومنذ إنشائها عام 2007، تهدف المنظمة إلى المساهمة في التنمية المستدامة من خلال إجراء دراسات تنموية في التعليم والصحة والبحث العلمي والتضامن الاجتماعي وكافة مجالات الحياة، وتؤمن بأن تكامل هذه المجالات سيساهم في تحسين جودة الحياة. ولتحقيق هذه الرؤية تم اعتماد آليات عمل مختلفة مثل تحسين أداء منظمات المجتمع المدني وتعزيز مشاركة المجتمعات المحلية في إدارة عملية التنمية والمساهمة فيها.
وأوضح أن منظمات المجتمع المدني القاعدية هي الذراع التنفيذي للمؤسسة في الوصول إلى الأماكن والأشخاص الأكثر احتياجاً، ولذلك تعمل المؤسسة على تطويرها وزيادة قدرتها وفعاليتها.
وأضاف أنه لدعم هذا التوجه، أنشأت المؤسسة وأطلقت المركز العربي لاستدامة المجتمع المدني ضمن برنامج تنمية المجتمع المدني عام 2019. ويهدف المركز العربي لاستدامة المجتمع المدني إلى تعزيز القدرة التنظيمية والمؤسسية لمنظمات المجتمع المدني من خلال مساعدتها على تبني النظم الإدارية الحديثة وأنظمة الجودة والتحسين المستمر ودعم التحول نحو الاستدامة المؤسسية. ويعني هذا تسهيل بناء التحالفات بين ممارسي التنمية، بالإضافة إلى تحسين ممارساتهم التنموية ودعمهم بأساليب ومنهجيات وأدوات التنمية الحديثة التي تعزز قدرتهم على إحداث التغيير الاجتماعي وبالتالي تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وأكد أن دور مصر الخير مكمل لدور منظمات المجتمع المدني والجمعيات، وتقدم نموذجا مختلفا للتنمية يقوم على المشاركة واحترام رأي الآخر والإيمان بالقدرات الذاتية.