إلهام أبو الفتح تكتب: الإيجار القديم: توازن بين العدالة والإنسانية

منذ 21 ساعات
إلهام أبو الفتح تكتب: الإيجار القديم: توازن بين العدالة والإنسانية

في برنامج «صباح البلد» المذاع على فضائية «إن إن آي مصر»، قامت المذيعة رشا مجدي بتقييم مقال للكاتبة إلهام أبو الفتح، رئيس تحرير جريدة الأخبار ومدير قناة وموقع «إن إن آي مصر». نُشر المقال في صحيفة الأخبار تحت عنوان “الإيجار القديم: بين العدالة والإنسانية”.

قالت إلهام أبو الفتح: “قانون الإيجار القديم هو قانون استثنائي سُنّ خلال الحرب العالمية الثانية، وأتاح للدولة التدخل في العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين. وقد أثار جدلاً واسعاً منذ صدوره. وقد سُنّ في ظروف استثنائية أشبه بالأحكام العرفية، وتحديداً عام ١٩٤٤، حين دخل قانون الإيجار الاستثنائي حيز التنفيذ. ثم عُدّل لاحقاً بالقانون رقم ١٢١ لعام ١٩٤٧، وبعد ثورة يوليو ١٩٥٢، استمر التدخل في العلاقة الإيجارية على نطاق أوسع”.

وقد أدى التعديل رقم 21 لسنة 1992 إلى مزيد من تشويه العلاقة بين المالك والمستأجر. قبل سنوات، قمت بحملة في صحيفة الأخبار حول الإيجارات القديمة. خلال هذه الحملة، التقيت بالعديد من أصحاب العقارات في مناطق مثل الزمالك وجاردن سيتي. كانت تلك المباني فخمة تطل على نهر النيل، لكن دخلها لم يكن كافياً حتى لتغطية تكاليف صيانتها وإصلاحها. وكان معظم المستأجرين متقاعدين، ولم تكن معاشاتهم التقاعدية تكفي إلا لدفع الإيجار، الذي لم يكن يتجاوز بضعة جنيهات.

لقد كان هذا الواقع المشوه موضع جدل دائم، وخاصة بعد أن أعلنت المحكمة الدستورية عدم دستورية بعض أحكام قوانين الإيجار غير السكني في عام 2002. وفي ذلك الوقت، كان هذا القرار بمثابة بداية لإعادة النظر في النظام بأكمله. وبموجب القانون الاستثنائي الذي صدر عام 1961، نشأت علاقة إيجار مدى الحياة، بل وانتقلت إلى الجيل الثاني والثالث، مما أدى إلى حالة من الركود استمرت لعقود من الزمن.

نعم يجب علينا حماية حقوق المالك وتمكينه من التمتع بملكيته، ولكن في الوقت نفسه لا يمكننا تجاهل واقع المستأجر الذي يعيش في هذه الشقة منذ عقود وليس لديه بديل آخر. وبصدور القانون رقم 4 سنة 1996، تم فتح المجال أمام عقود الإيجار محددة المدة بشروط جديدة. لدينا حاليا قانونين غير دستوريين، لأن كل المصريين متساوون أمام القانون.

إن هذه القضية لا تنطوي على بعد قانوني فحسب، بل هي أيضا ذات بعد اجتماعي وإنساني وتتطلب حلولا واقعية. العديد من أصحاب هذه العقارات هم من أصحاب الملايين على الورق فقط، ويعيشون كمستأجرين في أحياء راقية للغاية، ويدفعون إيجارات رمزية لا تتطابق مع الواقع. واليوم يعود قانون الإيجار القديم إلى مجلس النواب مرة أخرى لمناقشة هذه القضية الإنسانية المعقدة. أتمنى أن نصل إلى قانون عادل وإنساني، هذه معادلة صعبة.


شارك