رئيس جامعة الأزهر: 1085 عامًا والأزهر قلعة العلم وحصن الدين ودرع الأمة يرد عنها غوائل الزمان

رئيس جامعة الأزهر د. أكد الدكتور سلامة داوود، اليوم الجمعة، أن الجامع الأزهر بتاريخه الطويل هو معقل العلم ومعقل الدين وموطن العرب. وأعطاها الله هدية لمصر والعالم، ودرعاً للأمة يحميها من ويلات العصر ومصائب الأحداث.
وقال في كلمته خلال الاحتفالية التي نظمها الأزهر بمناسبة مرور 1085 عاما على إنشاء الجامع الأزهر، إن اسم المسجد يعني أنه مكان للعبادة ومنارة للعلم، وأن العلم هو العبادة، أما اسم المسجد فهو يوحد الأمة ويقاوم الفرقة والتشتت. ليعود كما أراد الله تعالى في أمره: (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ).
وكان المستهدف القرآني السابق هو الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف الأستاذ الدكتور. وأضاف أن الهدف النبيل والجهد الناجح والمستمر الذي يقوم به أحمد الطيب حفظه الله في الحوار الإسلامي الإسلامي الذي يهدف إلى نبذ الفرقة والتعصب وجمع الكلمة على الثوابت والمبادئ المشتركة التي تجمع عليها الأمة على اختلاف مذاهبها. لأن العالم الإسلامي أصبح ضعيفاً عاجزاً بسبب الانقسام، وبعد أن هاجمته الأمم، لم تكن هذه الأمة بحاجة إلى الوحدة والإجماع ووحدة الصف كما هي الآن.
وأوضح رئيس جامعة الأزهر أن الأزهر نسب شريف يمتد أصله المبارك إلى أم أبيه السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وأن اسمه “الأزهر”، وأنه جمال من الزهور؛ لأنه يفتح للعلم كما يفتح الزهر ذراعيه، وكونه سمي “الأزهر” لقباً للتفوق دليل على أنه يعيش مع أشرف العلوم وأجلها، وأنه لا يرضى لأحد من المنتسبين إليه إلا أن يكون ألمعها وأضوائها وأبهىها وأعظمها موهبة. ولا يرضى لأحد يدعي ملكيته أن يعتمد على غيره في العلم والمعرفة، بل على العكس من ذلك فقد جسد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اليد العليا خير من اليد السفلى».
وتابع قداسته قائلاً: إن اليد العليا هي اليد التي لها قوة المعرفة وتنتج المعرفة؛ اليد السفلى هي اليد التي تستورد المعرفة وتعيش معتمدة على ما تنتجه عقول الآخرين. وهكذا قضى الأزهر هذه القرون الطويلة في إنتاج العلم والمعرفة. وكانت البعثات التي أرسلها محمد علي باشا إلى أوروبا تأتي من أبناء الأزهر العباقرة الذين أقيمت على أكتافهم كليات الطب والهندسة والعلوم التطبيقية الأخرى في مصرنا الحبيبة. وكانت النهضة الحديثة في مصر على أيدي علماء الأزهر.
وقد شبه قداسة البابا الأزهر بماضيه وحاضره كالشمس. من يقترب منها يذوب فيها. ولا يوجد بلد في العالم إلا ويوجد للأزهر يد في نشر العلم والاعتدال والتوازن. إن الذين يأتون إلى حرمها الجامعي -الذي يبلغ عدد طلابه اليوم ستين ألف طالب وطالبة من نحو مائة وثلاثين دولة- هم حاملو النور والإسلام والاعتدال إلى بلدانهم. وهي معاهد وجامعات الأزهر المنتشرة في دول العالم. وقد أعدهم الأزهر وأبدعهم على عينيه. وله الحق في أن يمنحهم فضل الأستاذية والتعليم والرعاية. ولم يسافروا إلى بلد، ولم ينشروا علماً حتى ينال الأزهر نصيباً من ثوابه وفضله. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من جهز غازياً في سبيل الله فقد قاتل». وقد أعدهم الأزهر هداية وصالحاً للأمة كلها والعالم أجمع. لو قام بنشر علمه إلى بلدان أخرى، فإنهم بذلك يقدمون له خدمة كبيرة. لأن علماءنا قالوا: ليس أحد أفضل من الشافعي إلا البيهقي. “ولأنه نشر مذهبه كان متفوقاً على الشافعي.” وهذا هو عُش المعرفة بين المعلم وتلميذه.
وأوضح رئيس جامعة الأزهر أن بعض علماء الأزهر يترددون في التلفظ بكلمة عامية واحدة في دروسهم ومؤتمراتهم، وعندما يضطرون إلى التلفظ بها يقولون: أنا أتكلم عامية وأستغفر الله، والسبب في ذلك هو الحرص على نشر اللغة العربية الفصحى التي نزل بها القرآن الكريم وتكلم بها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وتصحيح اللغة، وتربية جيل يحب اللغة العربية.
وتابع: في البحث العلمي كان لنا علماء قالوا لنا: لا تكرروا ما سبقكم، وابحثوا عن حديقة جميلة. الحديقة الجميلة هي الحديقة الخضراء المورقة التي لا يضع أحد قدميه فيها. إذن، ابحث عن موضوع لم يدرسه أحد قبلك، وابحث عن فجوة ليس لها حل. هذا هو نعي شيخنا الجليل الأستاذ الدكتور الأزهر الشريف الذي فقد الأسبوع الماضي إمامه الأكبر وعضو هيئة كبار العلماء. وهذا كلام شريف للشيخ محمود توفيق محمد سعد حفظه الله. مقولة نبيلة تربط بين البحث العلمي والدفاع عن حدود الوطن والحفاظ عليها. لأن حماية العقل هي حماية للوطن.
دكتور. وأشاد سلامة داود بالأزهر ومنهجه السليم، وقال: أيها الأزهر المبارك، لقد تعلمنا من علمائك أنه لا يخلو كتاب من فائدة، ولا يحل كتاب محل كتاب، ولا يحل أحد محله. قال.
وتابع قائلاً: لقد تعلمنا من علمائكم أن نضحي بأوقاتنا وأرزاقنا وربيع شبابنا وزهرة عمرنا وماء أعيننا في سبيل العلم، حتى قال أحدهم يوماً لتلميذه: بع العباءة والقفطان واشتر اللسان. قال. وبعبارة أخرى كان يقصد معجم اللغة العربية الذي يزيد من الثراء اللغوي وكفاءة القارئ.
ونصح قداسة البابا أبناء الأزهر بقراءة سيرة علماء الأزهر، والاختيار من زهراتهم، والاقتداء بهم في هممهم العالية وعلمهم الواسع وأخلاقهم النبيلة: “إن لم تكونوا مثلهم فتشبهوا بهم، فإن تقليد الناس نجاح”.
وتابع: أتمنى أن ينجح بعض الذين يجمعون بعزيمة صادقة هذه الصفات والفضائل من حياتهم ويقدمونها بشكل جميل ويشرحونها ويكشفون عن جوانبها المشرقة، ويصبحون قناديل تنير لنا وللأجيال القادمة. إن الأخلاق معدية، والسير على خطى التجارب الرائدة والنماذج المشرقة هو أفضل حافز لعصر النهضة.
واختتم رئيس جامعة الأزهر كلمته بكلمة الشاعر الأزهري الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر. واختتم كلمته بقصيدة الشاعر علاء جنب عن الأزهر الشريف: “من افتخر بغيرك افتخر بجدران البناء”.