وزير الأوقاف: حان الوقت لمعركة فكرية حاسمة لتخفيف العبء عن الأمن في مواجهة التطرف
– كتائب إلكترونية مغرضة تبث روح التشاؤم واليأس وتثير الشكوك في مؤسسات الدولة
– الإلحاد يتطلب مواجهة فكرية عميقة ومنظمة ومدروسة بعناية
– الشوربجي: مبادرات مثمرة لـ “الأوقاف” في التوعية الدينية والتنمية المجتمعية وبناء الإنسان
نُظِمت ندوة واسعة النطاق من قِبَل الهيئة الوطنية للصحافة برئاسة المهندس عبد الصادق الشوربجي، بحضور وزير الأوقاف الدكتور أسامة الأزهري، لمناقشة جهود الوزارة في تجديد الخطاب الديني ومواجهة التطرف، وتعزيز الوعي الديني السليم والقيم التسامحية. تم أيضًا استعراض تحسين الأداء الإداري في مديريات الأوقاف وتطوير الأداء العلمي والدعوي للأئمة.
ورحب المهندس عبد الصادق الشوربجي، رئيس الهيئة، بالدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، ورؤساء مجالس إدارات المؤسسات الصحفية القومية ورؤساء تحرير الإصدارات، معربًا عن تقديره لهذه الزيارة ومقدمًا التهنئة للوزير بالنجاح الكبير للمسابقة العالمية للقرآن الكريم في نسختها الحادية والثلاثين، متمنياً دوام التوفيق والنجاح.
وثمن رئيس الهيئة جهود الوزير الكبيرة في تنفيذ رؤية الدولة المصرية في العديد من الملفات والقضايا، وفي المقدمة منها “تجديد الخطاب الديني” لمواجهة الفكر التكفيري المتطرف، وبناء الوعي الثقافي والديني السليم، وتعزيز قيم التسامح ونشر الفكر الوسطي الصحيح.
وأشاد بالمتابعة المستمرة للوزارة في تطوير الأداء الإداري بالجهات التابعة وتحسين الأداء العلمي والدعوي للأئمة والارتقاء بمستواهم الفكري والعلمي لتحقيق رسالة دينية مستنيرة.
وأثنى رئيس الهيئة على جهود الوزارة في إطار “إعمار بيوت الله” سواء بافتتاح مساجد جديدة أو عمليات الصيانة والتطوير، مشيدًا بالمبادرات المستمرة والمثمرة للوزارة في إطار التوعية الدينية والتنمية المجتمعية وبناء الإنسان.
وقال الشوربجي إن العالم يمر بأزمات سريعة ومتلاحقة، الأمر الذي يفرض المزيد من التحديات ويتطلب تضافر جهود جميع مؤسسات الدولة للحفاظ على بلدنا قوية وسط هذه التطورات والأحداث.
وأضاف: “هنا يكون تكثيف التعاون ضرورة حتمية في إطار تعزيز الوعي ونشر الحقائق والرد على الأكاذيب ومواجهة الأفكار المغرضة”.
وأكد رئيس الهيئة أن صحافة مصر القومية ستبقى داعمة للوطن وقضاياه، وأداة قوية ورئيسية في عمليات التنوير والتثقيف ونشر الوعي ومواجهة الشائعات والأفكار المغلوطة، وقال: “نحن مستعدون دائمًا لتعزيز ودعم التعاون مع وزارة الأوقاف في إطار الدور الوطني للمؤسسات الصحفية القومية لتوضيح الحقائق ومواجهة الأفكار المغلوطة ومساندة خطط ورؤية الدولة لتجديد الخطاب الديني ونشر الفكر الوسطي الصحيح”.
من جانبه، أعرب الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، عن سعادته بالتواجد في الهيئة الوطنية للصحافة في ندوة مهمة بحضور كبار الكتاب والصحفيين.
وأكد أن صحافة مصر القومية هي قلاع وعي وحصون فكر عريقة، وتمتلك كنوز وقامات صحفية كبيرة ملأت الوطن علمًا وفكرًا، مضيفًا: “نحن نثق في الصحافة القومية، ونثمن حرص الهيئة على عقد هذه اللقاءات الدورية للحوار عن قرب وفق رؤية الدولة المصرية لمزيد من التعاون والتنسيق في مختلف المجالات والقضايا”.
وتطرق الوزير إلى أولويات عمل الوزارة خلال الفترة الراهنة والمستقبلية، والتي تتمثل في مواجهة التطرف الديني والإرهاب، والتطرف اللاديني وتراجع القيم الأخلاقية، وتعزيز بناء الإنسان وصناعة الحضارة. وأشار إلى قضية تجديد الخطاب الديني ومواجهة التطرف الفكري، والعمل على تحصين المجتمع المصري من كل صور التطرف، وخاصة بعد التحدي الكبير الذي أوجدته التكنولوجيا الحديثة والسوشيال ميديا على كثير من المستويات، سواء دينيًا أو اجتماعيًا وأخلاقيًا وغيرها.
وأكد أن جهودًا كثيرة تمت في هذا الإطار لمواجهة التطرف بدءًا من حصر التيارات المتطرفة التي زالت واختفت بعضها مع مرور الأزمان واختلفت مسمياتها وتوجهاتها، مرورًا بأفكارها، وهي الأفكار المغلوطة التي تم ويتم الترويج لها عبر منصات مختلفة تستهدف العقول وتبدأ بالتكفير.
وتابع الوزير قائلاً: “المؤسسات الفكرية دورها هنا مهم للغاية، فقد تحملت المؤسسات الأمنية ما يفوق طاقتها بكثير، وحان الوقت لمعركة فكرية حاسمة تخفف العبء عن كاهل الأجهزة الأمنية لمواجهة المتطرفين وأفكارهم المسمومة. وأرى أن تسعة أعشار المعركة مع التطرف تقع على عاتق المؤسسات الفكرية”.
وأشار إلى أهمية حصر مواطن الخطر، فالتنظيمات المتطرفة تستغل التكنولوجيا وتسخرها في مخططاتها، وهناك من القوى العالمية من ينفق عليهم بسخاء ويوظفهم ويستغلهم لضرب استقرار الأوطان. وهنا يجب أن تكون المواجهة مع مثل هذه التنظيمات منظمة ومدروسة وفق مسار محدد بدقة وبتعاون من كل المؤسسات.
وأكد الأزهري أن التطرف لا يعرف ديانة، ووقائع التاريخ تؤكد ذلك. فالإرهاب والتطرف فكرة عابرة للأديان والشعوب والثقافات “نحن في حرب فكرية نخوضها وخطر يجب مواجهته لحماية أوطاننا وأبنائنا وحتى أطفالنا، وهنا يجب علينا الحذر كل الحذر في التعامل مع النشء، والحرص من السوشيال ميديا التي تمتلئ بكتائب إلكترونية مغرضة تستهدف بث روح التشاؤم واليأس وإثارة الحيرة والشكوك في مؤسسات الدولة”، ولذلك كان من أولويات عملنا -واعتبره من أولويات تجديد الخطاب الديني- إعادة جسور الثقة، سواء للمواطن في ذاته وقدراته ونجاحاته أو في بلده أو مؤسسات الدولة.
وأضاف الوزير أن الحفاظ على الهوية والمكونات المصرية الأصيلة كانت أولوية وهدفًا في مواجهة أهل الشر لردع محاولاتهم المستمرة لزعزعة ثقة الشعب في تاريخه أو مؤسساته ورموزه الوطنية والتاريخية.
كما تطرق الوزير إلى قضايا الإلحاد وكيفية التعامل معها والمواجهة. وقال: “هذا خطر كبير وأحد أنواع التطرف الفكري وينبغي التعامل معه بحرص وبوعي كامل ودراسة. الإلحاد يتطلب مواجهة فكرية عميقة ومنظمة”.
وأشار إلى لقاء سابق جمعه مع بابا الفاتيكان، حيث تم بحث سبل التعاون لمواجهة الإلحاد، مشددا على أهمية بناء منظومة فكرية عقلية قادرة على التصدي للفكر الإلحادي ودعاته، والذين ينطلقون من محددات ثلاث: الاستفزاز، الافتخار، والانتشار.
وأشار الأزهري إلى العمل المستمر لبناء علاقة قوية وراسخة بين المؤسسات الدينية ممثلة في الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء ومشيخة الطرق الصوفية ونقابة الأشراف، لصياغة وإقرار برامج عمل مشتركة لصالح الدين والوطن والمواطنين.
وقال: “نستمر في السعي معًا لتعظيم جسور التعاون مع الجهات الأربعة، فنحن نريد أن نقدم للمصريين شيئًا تستريح له نفوسهم”.
وأضاف الأزهري أنه تم تكثيف الجهود الدعوية في إطار استراتيجية شاملة لبناء الإنسان ومكافحة التطرف بجميع أشكاله؛ ضمت القوافل الدعوية المتنوعة ومبادرات مستمرة لتعزيز الوعي الديني وتنظيم الندوات وتفعيل الدروس الدينية بالمساجد، فضلاً عن تعظيم دور المرأة وإشراكها في الأنشطة الدعوية ضمن النشاط الدعوي والعلمي والتثقيفي – واعظات الأوقاف – بالتنسيق مع عدد من الجهات في إطار توعية المرأة المصرية بالعديد من القضايا المهمة.
وأشار الوزير إلى الحرص الكبير على العناية بالأئمة والدعاة علميًا وفكريًا وتطوير برامج تدريب الأئمة وتأهيلهم دعويًا وثقافيًا في مجالات متعددة بهدف صقل مهاراتهم وتعزيز قدراتهم على مواكبة قضايا العصر وتعزيز مكانتهم بما يليق بمسئولياتهم الدعوية.
وفيما يتعلق بخطبة الجمعة الموحدة، كشف الوزير أنه جارٍ الآن دراسة أن تكون الخطبة الثانية – الجزء الثاني من الخطبة – مخصصة لمعالجة الإشكاليات أو التحديات المكانية التي يقع في نطاقها المسجد سواء قرية أو مدينة أو محافظة.
وأضاف: “حريصون كل الحرص على الخطبة الموحدة، فهي تجعل المصريين على قلب رجل واحد وتوضع بعناية وتوازن، ومراعاة للتوازن بين المتطلبات والتحديات المكانية والأولويات حسب المناطق؛ نعكف على دراسة تخصيص الخطبة الثانية لأهم الموضوعات الملحة في هذا الإطار”.
كما أشار الوزير إلى إطلاق مبادرة “عودة الكتاتيب” ووجود ترحيب كبير وتجاوب في عدد من المحافظات بهذه المبادرة، والتي لا تستهدف فقط تعليم وتحفيظ القرآن الكريم، بل المساهمة في تعليمهم القراءة والكتابة والحساب، وليكون الكُتاب مساعدًا ومساندًا لدور وزارة التربية والتعليم. وفي ختام الدرس يتم الدعاء لمصر لغرس قيم الولاء والانتماء للوطن في نفوس الأطفال. كما وضعنا ميثاق عمل للكتاتيب من خمس نقاط رئيسية: احترام الأكوان، إكرام الإنسان، حفظ الأوطان، ازدياد العمران، وزيادة الإيمان. ونسعى للاستفادة منها في المناهج الدينية بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم والكنيسة المصرية.
وأكد الوزير استمرار الجهود لتجديد الخطاب الديني وتطوير آلياته، والاعتماد على التكنولوجيا الحديثة للوصول لأكبر عدد من المواطنين، وحاليًا يجري الإعداد لإطلاق منصة إلكترونية شاملة تغطي العديد من الجوانب المهمة، فضلاً عن استمرار تعزيز عملية تشكيل الوعي الديني السليم، بما يسهم في بناء شخصية الإنسان المصري، ومواجهة كل السلوكيات التي تؤدي إلى تراجع في الأخلاق.
وفي نهاية الندوة، أهدى المهندس عبد الصادق الشوربجي، درع الهيئة الوطنية للصحافة، للدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف تكريمًا لجهوده.