أمين مجمع البحوث الإسلامية: التراث هوية الأمة واتهامه مسألة خطيرة
– لدينا 46 ألف وافد فى مراحل التعليم الأزهرية
– القضية الفلسطينة راسخة فى عقول الشعوب العربية والإسلامية والجميع يبحث لها عن مخرج
– لدينا 3300 واعظ وواعظة مؤهلين للتعامل مع قضايا المواطنين فى كل محافظة
قال الدكتور محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، إن تراث أي أمة يمثل هويتها والبنية الأساسية للمجتمع، وأكد على ضرورة الاهتمام بالتراث الإسلامي الذي يحتوي على كنوز قيمة تستحق الحفاظ عليها طوال العصور.
وفى حواره مع «الشروق» تحدث الجندى، عن دور المجمع فى تحقيق رسالة الأزهر، وأهم اللجان العلمية العاملة فيه والدور الهام لها، متطرقًا لتفاصيل مراحل مراجعة المصحف وكيفية إعدام النسخ الخاطئة منه.
وإلى نص الحوار:
> كيف تتحقق رسالة الأزهر من خلال مجمع البحوث الإسلامية؟
ــ يعتبر المجمع إحدى المؤسسات العلمية والدعوية المهمة بالأزهر؛ وتتنوع سبل العمل فيه من خلال الأبحاث والكتب العلمية التى يصدرها وتعمل على إبراز رؤية الأزهر العلمية والعالمية، بحصر القضايا الجدلية وتفكيك الأسس التى يقوم عليها الفكر المتطرف بأساليب علمية موثقة بالأدلة المتنوعة والحقائق التاريخية، ومعالجة كثير من المشكلات المجتمعية، وإصدار الدراسات المتخصصة فى فروع العلم المختلفة، بالإضافة إلى اللجان العلمية المنبثقة عن المجمع والتى تصدر نشرات دورية تحدد الموضوعات المهمة وتناقشها بالأسلوب الأمثل.أما المحور الثانى فيتمثل فى القوافل الدعوية التى تجوب الجمهورية، وانتشار الوعاظ والواعظات بين الناس بخطاب دعوى مستنير يتخذ من منهج الأزهر الوسطى سبيلا لخدمة الناس وتحصينهم من محاولات العبث بعقولهم أو تشتيت أذهانهم أو بث الأفكار الشاذة فيما بينهم، إضافة إلى دور مبعوثى الأزهر فى دول العالم المختلفة.
كم عدد اللجان العاملة الآن فى المجمع؟ وطبيعة تخصصها؟
ــ يبلغ عدد اللجان المتخصصة فى المجمع عشر لجان؛ ومنها لجنة بحوث القرآن الكريم وتختص بدراسة كل ما يتعلق بالقرآن الكريم من تفاسير قديمة وحديثة ومعاصرة، وما يثار حوله من شبهات وافتراءات والرد عليها، ولجنة بحوث السنة والسيرة المختصة بالرد على ما يثار من شبهات حول السنة.أما لجنة البحوث الفقهية تبحث الموضوعات الفقهية التى يقتضى الأمر عرضها على مجلس المجمع أو دراستها، فضلًا عما يثار من موضوعات فقهية وتقرير الرأى الذى يلزم لكل موضوع، بينما تعمل لجنة التعريف بالإسلام، على التعريف بالعلوم الإسلامية ومتابعة ما ينشر ويذاع من اتهامات باطلة ضد الإسلام والرد عليها تصحيحًا للمفاهيم.وتختص لجنة التربية والتعليم الأزهرى المختصة بمتابعة تطوير المقررات الدراسية فى المعاهد الأزهرية، ومعاهد البعوث الإسلامية، كما تعمل لجنة التعاون بين المجمع والجامعة على مناقشة ودراسة كل ما يتعلق بالمناهج الدراسية فى جامعة الأزهر بمختلف الكليات للارتقاء بمستوى التعليم الجامعى الأزهرى.
ما هى طبيعة عمل لجنة مراجعة المصحف؟
ــ لجنة مراجعة المصحف تتولى مسئولية عظيمة أمام الله عز وجل، ويقوم عليها متخصصون فى القرآن وعلومه من أعضاء هيئة التدريس بكلية القرآن ومعاهد القراءات.وتتم مراجعة المصاحف على مرحلتين؛ الأولى تجارب الطباعة، وفيها تجهز دار النشر نسخة من المصحف وعلى جوانبه هامش، للتأكد من سلامة النص القرآنى وموافقته لقواعد الرسم والضبط والتأكد من الالتزام بأحكام التجويد وموافقتها للقراءات المتواترة، وفيها يُراجع النص، ثم الرسم، ثم الضبط والتشكيل.وفى حالة وجود أخطاء فى النسخة المقدمة تنوه اللجنة عن مواضع الخطأ فى الهامش مع تدوين تقرير عن تلك الملاحظات والأخطاء، ثم يعاد المصحف لدار النشر لتصويبه، ويُرَد مرة أخرى إلى اللجنة للمراجعة وبعد التأكد من التصويب تُمنح الدار موافقة على الطبع فقط.أما المرحلة الثانية هى المراجعة بعد الطباعة والجمع، للتأكد من سلامة النص القرآنى، وعدم حدوث أى أخطاء فنية أو مطبعية، وبعد انتهاء هذه المراحل بدقة عالية تقرر اللجنة منح دار النشر تصريحًا بالتداول.
وفى حالة وجود أو اكتشاف أى أخطاء فى المصحف بعد تداوله بالأسواق يتم إحضار نسخ من المصحف محل الشكوى، فإن كان الخطأ موجودًا بجميع النسخ تُصادَر من المطبعة ومن الأسواق، وتشكل لجنة لإعدامها مع إبلاغ الجهات المعنية قانونًا، لاتخاذ الإجراءات القانونية ضد هذه الدار.
حدثنا عن برامج إعداد الوافدين المسئول عنها المجمع؟
ــ يحظى الطلاب الوافدون بعناية خاصة فى قطاعات الأزهر فى إطار اهتمام الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، بهم ودعمهم علميًا وفكريًا ليكونوا سفراء للأزهر فى بلادهم، قادرين على حمل منهج الوسطية ونشر صحيح الدين فى العالم؛ فيبلغ عددهم حوالى 46 ألف طالب وافد فى مراحل التعليم المختلفة بداية من رياض الأطفال إلى مرحلتى الماجستير والدكتوراة.ويتم التعاون والتنسيق بين المجمع والجامعة ومركز تطوير تعليم الطلاب الوافدين ومدينة البعوث الإسلامية والجامع الأزهر وأكاديمية الأزهر لتنفيذ عدد من البرامج المستهدفة رفع المستوى العلمى والثقافى للطالب الوافد.
> كيف يؤهَّل الوعاظ والدعاة للتعامل مع متغيرات الواقع؟
ــ لدينا ما يقرب 3300 واعظ وواعظة تم اختيارهم جيدًا من خلال المسابقات ثم اختبارهم تحريريا وشفويا وإجراء المقابلات الشخصية، كما يتم رفع كفاءتهم بالدورات العلمية والإلكترونية، والتدريب على مهارات التواصل الفعال وفنون الإقناع، والتعامل مع القضايا التى يهتم بها المواطنون فى كل محافظة.
كيف يتعامل المجمع مع القضايا والظواهر الفكرية المختلفة؟
ــ المجمع يسير وفق خطة علمية ودعوية من خلال أبحاث وكتب علمية تبرز رؤيته المنبثقة عن رؤية الأزهر العلمية والعالمية، من خلال المحور العلمى البحثى والذى يدور حول محاولة حصر القضايا الجدلية وتفكيك الأسس التى يقوم عليها هذا الفكر الشاذ والمتطرف بأساليب علمية موثقة بالأدلة المتنوعة والحقائق التاريخية، فيعمل المجمع على معالجة المفاهيم الخاطئة المتعلقة بالقضايا التالية (الإلحاد ــ الشذوذ ــ التكفير ــ الغلو والتعصب ــ التطرف ــ الإرهاب ــ الجهاد ــ الحاكمية ــ الولاء والبراء ــ دار الإسلام ودار الحرب ــ الخلافة ــ تطبيق الشريعة ــ الطائفة الممتنعة ــ دفع الصائل ــ التترس ــ القتل على الهوية ــ تصحيح المفاهيم المغلوطة ــ ضوابط التعامل مع النصوص الشرعية ــ بيان أحكام الجهاد ــ الإسلاموفوبيا).
ما دور المجمع فيما يتعلق بتنقيح كتب التراث؟ وكيف يتم العمل على هذا الملف؟
ــ تراث أى أمة هو هُويتها واللبنة الأولى التى ينطلق منها أى مجتمع؛ وتراثنا ملىء بالكنوز التى قلما تجدها فى أى أمة، بالإضافة لاهتمامنا به وحفظه على مدار العصور والأزمنة، وبالتالى لا يمكن التخلى عنه ولكن يوجد ضوابط عامة وأسس وقواعد للتعامل معه.ونعمل على تحقيق كتب التراث ورقمنة المخطوطات وترميمها لسهولة اطلاع الباحثين وأخذ منها ما يناسب ويلائم واقعنا المعاصر وبالأخص تلك الشبهات والأفكار المغلوطة التى يظنها البعض حديثة لكن العلماء قديمًا فندوها تفنيدًا فما من شاردة ولا واردة إلا تحدثوا عنها بل إنهم كانوا يفترضون وجود شبهات ويعملون على الرد عليها، فمسألة اتهام التراث خطيرة وبعيدة عن الواقع، والفيصل فيها ينبغى أن يكون للمتخصصين.
> ما المقصود بتجديد الخطاب الدينى وكيف يمكن تطبيقه فى الدراسات والأبحاث الشرعية؟
ــ نجح الأزهر فى العمل على تجديد الخطاب الدينى خلال السنوات الماضية، بتنظيم عدة مؤتمرات خلال هذه الفترة مثل مؤتمر الإرهاب وخطره على السلام العالمى، ومؤتمر القدس، ومؤتمر «الحرية والمواطنة.. التنوع والتكامل» بالتعاون مع مجلس حكماء المسلمين، ومؤتمر الأزهر العالمى للسلام بحضور بابا الفاتيكان، ومؤتمر «الإسلام والغرب.. تنوع وتكامل»، حيث كان لهذه المؤتمرات تأثير عالمى وإقليمى فعال فى هذه القضايا المهمة.وكل عصر يحتاج إلى خطاب يناسبه ومن واقع دور وأهمية الأزهر فإنه يركز على كل القضايا التى تمس المجتمع بشكل مباشر، بلغة سهلة مبسطة تصل إلى الجميع، ولعل من أبرزها فى هذه الفترة الحالية القضايا الفكرية والمجتمعية.
> كان للأزهر موقف واضح تجاه القضية الفلسطينية؟ فما هو دور المجمع فى دعم هذا الدور واقعيًا؟
ــ يعمل الأزهر بكل قطاعاته بقيادة الإمام الأكبر على الدعم المادى والمعنوى للقضية الفلسطينية، وتصحيح المفاهيم وتصويب الأحكام تجاهها، وقد قضت الأحداث الأخيرة على ما حاول الكيان الصهيونى تأكيده والبناء عليه بالترويج لأن القضية الفلسطينية ماتت للأبد، فالأحداث أحيت القضية فى قلوب العرب والمسلمين فالكل متعاطف يبحث عن القضية وعن مخرج لها.وقد سير الأزهر عدة قوافل إغاثية سواء من خلال المشيخة أو بيت الزكاة، أو جامعة الأزهر، بالإضافة لبيانات الإمام الأكبر التى أكدت حق الشعب الفلسطينى فى الدفاع عن أرضه واستردادها وحماية مقدساتها التى هى حماية مقدسات المسلمين.وبجانب بياناته التى لم تتوقف حتى يومنا هذا، أصدرت لجنة القدس فى مجمع البحوث الإسلامية بيانا شددت فيه على أهمية مراعاة حقوق الشعب الفلسطينى ودعوة العرب والمسلمين إلى الوحدة فيما بينهم لمواجهة هذا العدوان.
ما هو جديد مؤلفات المجمع فى معرض الكتاب؟
ــ لدينا العديد من الإصدارات العلمية التى نستهدف بها التواجد فى المعرض؛ منها إصدارات السلسلة العلمية لمجمع البحوث الإسلامية، وسلسلة إحياء التراث الإسلامى، وسلسلة الرسائل العلمية والتى تعالج كثيرا من القضايا والمشكلات المجتمعية والفكرية التى يعانى منها المجتمع.
ما هى خطة المجمع خلال شهر رمضان المقبل؟ وأهم أولوياتها؟
ــ رمضان موسم للطاعة والعبادة وموسم للتوعية الدينية؛ فالجميع فى هذا الشهر لديه الاستعداد لقبول النصح والتوجيه وتغيير السلوكيات إلى الأفضل؛ لذلك نعمل على تنفيذ عدد من البرامج الدعوية والتوعوية من خلال سلاسل دعوية يقدمها وعاظ وواعظات الأزهر الشريف سواء بالتواصل المباشر بعقد الدروس واللقاءات الميدانية والأمسيات الرمضانية فى مراكز الشباب أو المقارئ الرمضانية والقوافل الدعوية؛ أو عن طريق الوسائل الإلكترونية أو بكتب وإصدارات علمية أو مجلة الأزهر، إضافة إلى مشاركة مبعوثى الأزهر الشريف فى جميع دول العالم فى جهود التوعية الدينية لهاذا الشهر المبارك.