أنقذنا السفينة فماذا عن الركاب؟.. لميس الحديدي تطرح الأسئلة الصعبة بشأن التفاوض مع صندوق النقد
وتحت عنوان “نحن والصندوق.. أسئلة واجبة”، كتبت الإعلامية لميس الحديدي مقالاً عبر حسابها الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” قالت فيه: الزيارة المرتقبة لمديرة كريستالينا جورجييفا غداً كان من الممكن أن تكون زيارة صندوق النقد الدولي إلى القاهرة زيارة عادية وبروتوكولية: “إنها زيارة تم التخطيط لها منذ أكثر من شهر”.
وأضافت: “لكن التصريحات الرسمية الأخيرة لمصر بشأن إعادة التفاوض مع صندوق النقد الدولي وتصريح جورجيفا بأن الإصلاحات المصرية يجب أن تكون “عاجلة وغير مؤجلة” تجعل الزيارة مهمة وتثير تساؤلات حول العلاقة مع صندوق النقد الدولي: ما العمل؟ نريد منها وماذا تريد منا؟
الدواء المر
وأوضح الحديدي: العلاقة مع الصندوق قديمة تعود إلى تسعينيات القرن الماضي عندما كان أول برنامج إصلاح اقتصادي. في ذلك الوقت أجرت مقابلة مع د. إبراهيم شحاتة، نائب رئيس البنك الدولي، أجرى مقابلة بعبارته الشهيرة التي وصف فيها الإصلاح الاقتصادي بـ«الدواء المر» لأول مرة. مرت السنوات وعدنا إلى الطبيب في عام 2016. بعد ثورتين أنهكت جسد البلد واقتصاده، نبدأ رحلة العلاج «المر» ببرنامج في 2016، ثم برنامجين آخرين في 2020، وصولاً إلى برنامج التسهيلات الائتمانية الحالي الموقع في 2022، ثم ارتفع تمويله إلى 8 دولارات مليار دولار في عام 2024، ليصل إجمالي القروض المصرية من الصندوق إلى 28 مليار دولار، وأصبحت مصر ثاني أكبر مقترض من الصندوق بعد الأرجنتين.
المال “الرخيص”.
وتابعت لميس: “رحلتنا مع الصندوق – طبيب النظام المالي العالمي – كانت خالية من أي صراعات خطيرة في أيامها الأولى. وكانت مصر نموذجا للنجاح لبرامج الصندوق، بينما فرحنا بشهادات “الصحة” التي أصدرها “الطبيب” والتي حسنت جدارتنا الائتمانية وفتحت أبواب التمويل من الأسواق العالمية، وربما كانت تلك بداية المشكلة عندما أدمننا المال «الرخيص» دون إنفاقه في اقتصاد حقيقي، وقررت الدولة ــ ربما اضطرت آنذاك ــ إلى الاضطلاع بكل الأدوار الاقتصادية، بينما اختار الصندوق في البداية أن يكون «رفيقا» في تقاريره وتقاريره. السياسيين”.
صفقة رأس الحكمة
وتابعت: «تفاقمت المشاكل وتراكمت الديون، فتوقفت المراجعات، ثم جاءت صفقة «رأس الحكمة» للإنقاذ»، أعقبها تغيير في الاتفاق مع الصندوق بقصد التنفيذ. بحسم تلك الإجراءات، بكل ما تحمله من تخفيض جديد لقيمة العملة وتخفيض مستمر في دعم الطاقة، مما زاد الضغوط على كافة الطبقات المصرية، كانت تتطلب وقفة نراجع فيها -عن حق- قدرتنا على الاستمرار فيما وعدنا به.
وأضافت: «الحقيقة أن صندوق النقد الدولي لا يطرق أبواب الدول، بل حكومات «الأزمة» هي التي تلجأ إليه، وفي كل برنامج كنا نفتخر بأن ما وقعنا عليه هو «برنامج وطني»». وخلال المفاوضات حول زيادة قيمة القرض في 2024، ظهرت بوادر الأزمة وتأثيرها علينا. وعلى وجه الخصوص، كان بإمكاننا إعادة التفاوض على فترات رفع الدعم وتخفيض سعر العملة وأسعار الفائدة. هذه هي القضايا التي لها أكبر الأثر على المواطن والاقتصاد. ومع ذلك، لم نفعل ذلك وكان الهدف في ذلك الوقت هو التعجيل بالتوصل إلى اتفاق “لإضفاء بعض الهواء” الذي من شأنه أن يساعد في تصنيفنا الائتماني. يعيد الثقة بإنقاذ «السفينة».. فماذا عن «الركاب»؟
ماذا نريد لاقتصادنا؟
وتساءلت لميس: ماذا نريد من الصندوق هذه المرة؟ هل سنطالب بتخفيف الضغط على السكان أم على الحكومة؟ هناك فرق… أي هل نطالب بتمديد الإجراءات المعلنة بالفعل لخفض الدعم، وليس زيادة أسعار الفائدة وتأجيل زيادة ضريبة القيمة المضافة، أم نطالب بتخفيف الضغوط؟ نحو خروج سريع للدولة من الاقتصاد (الذي لم يتحقق منه سوى القليل) وتخفيف الضغط باتجاه التقشف الحكومي أو التحرير الكامل للعملة… يجب أن نحدد خياراتنا وأولوياتنا في المفاوضات.
أسئلة حاسمة
ولكن الأسئلة الحاسمة التي يتعين علينا أن نطرحها على أنفسنا وأن نجيب عليها بأمانة قبل أن نلجأ إلى الصندوق: ماذا نريد لاقتصادنا؟ هل نبحث عن إصلاح حقيقي أم فترة راحة؟ في الاقتصاد وليس في منافسة مع القطاع الخاص؟ هل نحن جادون في إصلاح مناخ الاستثمار واستهداف القطاعات الإنتاجية وليس البناء فقط؟ أرض للتنمية الاستثمارية فقط؟ إنه طريق أسهل وأسرع كثيراً من الإصلاح، فهل ندرك أن الصادرات لابد أن تشغل اهتمامنا قبل أن نوجه الاتهامات إلى الواردات؟ فهل سنستخدم ذلك للتصحيح إذا خفف الصندوق من إجراءاته؟ أم سنعود إلى توسيع الإنفاق الحكومي؟ الإجابات على هذه الأسئلة لم تعد اختيارية بل إلزامية ولم يعد هناك وقت للأخطاء.
إذا لم ننجح، فلن تكون أموال العالم ذات فائدة لنا
وتابعت: العلاقة مع صندوق النقد الدولي اختيار وليست إكراه. هناك دول اختارت عدم التعامل مع الصندوق وتعافت من المرض مع أطبائها، وهناك دول أخرى التزمت بالنظام المالي العالمي وفعلت هذا طريق الصندوق، وللجميع نجاحات والفشل. وهنا لا بد من أن يكون الفريق المفاوض ملماً بمطالبه وواضحاً بأهدافه. وهو يعرف ما يمكن تنفيذه وما لا يمكن تنفيذه، وهو يضع أولوياته ليس فقط على «السفينة بأرقامها المختلطة من العجز والديون والميزانية»، بل أيضاً على الأشخاص الذين يعيشون على متن السفينة ويشربون «الدواء المر». أفتقد الوزراء ذوي الدهاء السياسي الذين يساويون السياسة بالأرقام.
وقالت: “لا أعتقد أن الحكومة المصرية تتجه نحو صراع مع الصندوق، فهي استبقت وصول جورجيفا بعدد من القرارات، من بينها إحياء لجنة الديون -التي كانت موجودة في عهد وزيرة التخطيط هالة الصادق”. سعيد.” “وأعلم أن كريستالينا جورجييفا، في حوارها مع الحكومة المصرية، التي تأتي من دولة متوسطة الحجم – بلغاريا – تفهم معنى الألم. لقد عاد الصندوق إلى المسار الصحيح، لكن يجب أن نعرف أن هذا هو هدفنا الاختبار النهائي ونحن لها يجب أن تكون موجودة.
واختتمت: “الصندوق سيذهب أو سيبقى، لكننا سنستمر في التعامل مع الواقع الصعب. إذا لم ننجح، فلن تكون أموال العالم ذات فائدة لنا».