سيناريوهات سعر صرف الدولار.. ماذا يتوقع الخبراء حتى نهاية العام؟
توقع مصرفيون وخبراء اقتصاديون سيناريوهات قصيرة المدى لسعر صرف الدولار مقابل الجنيه بنهاية العام الجاري، في ظل احتدام الصراع الإسرائيلي في المنطقة، وهو ما يطرح التساؤل: هل سيستمر سيناريو معاناة مصر السابقة في ظل الاحتلال؟ هل تتكرر الحرب الروسية الأوكرانية وتتفاقم أزمة النقد الأجنبي؟
افترض مصرفيون واقتصاديون سيناريوهين لسعر صرف الدولار مقابل الجنيه، أحدهما متفائل باستقرار سعر الصرف من خلال دعم تدفق تدفقات النقد الأجنبي من دول الخليج، والآخر يحذر في حالة حدوث ذلك. حركة مفاجئة للأموال الساخنة بسبب تزايد حجم الصراع.
وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال حفل تخريج دفعة جديدة من طلاب كلية الشرطة: إن التطورات التي حدثت خطيرة للغاية وقد تؤدي إلى اتساع نطاق الصراع في المنطقة بما يؤثر على الاستقرار في المنطقة “”
وأضاف أن قناة السويس خسرت أكثر من 50% إلى 60% من إيراداتها في الأشهر الأخيرة منذ اندلاع الحرب، مقدراً الخسائر بأكثر من 6 مليارات دولار.
واتخذ الصراع الإسرائيلي منحى جديدا في المنطقة بعد أن شن الجيش الإسرائيلي هجمات على مدن في جنوب لبنان، مستهدفا قواعد عسكرية لحزب الله، وأعلن رسميا اغتيال الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله في عملية واسعة النطاق. غارة جوية واسعة النطاق على مقر الحزب في الضاحية الجنوبية.
وفي 2022، واجهت مصر أزمة أدت إلى تفاقم فجوة النقد الأجنبي وانتشار السوق السوداء للدولار قبل إجراءات الإصلاح في مارس/آذار من العام الماضي، بعد تراجع الاستثمار الأجنبي غير المباشر -من أذون الخزانة المحلية- إلى نحو 22 مليار دولار.
السيناريو المتفائل
توقع الخبير المصرفي محمد عبد العال أن يستقر سعر صرف الجنيه بين 47 و49 جنيها بنهاية العام الجاري وسط تدفق الاستثمارات الخليجية المباشرة إلى مصر.
وأوضح أن هذه الاستثمارات ستعزز الجنيه وتقلل من تأثير التوترات العالمية المحتملة بسبب الحرب الإسرائيلية في المنطقة.
رئيس الوزراء د. وقال مصطفى مدبولي في مؤتمر صحفي قبل أيام إن صندوق الاستثمار السعودي سيعمل على ضخ 5 مليارات دولار خلال الفترة المقبلة في مشروعات متفق عليها بين الجانبين في قطاعات اقتصادية رئيسية، باستثناء ودائع السعودية لدى البنك المركزي المصري.
وأشار إلى أن الحكومة حددت من 4 إلى 5 مناطق واسعة على ساحل البحر الأحمر يمكن أن تقدمها، بما في ذلك رأس بناس، لتكوين شراكات كبيرة وجذب الأجانب المباشرين وتطوير هذه المناطق الواعدة.
جاء ذلك بعد أن وقعت مصر في فبراير الماضي أكبر صفقة استثمارية لتطوير مدينة رأس الحكمة مع دولة الإمارات العربية المتحدة، ممثلة في شركة أبوظبي التنموية القابضة، بقيمة 35 مليار دولار.
وفي الواقع، في الفترة من فبراير إلى مايو، تلقت مصر منها 24 مليار دولار، وتمت تسوية 11 مليار دولار من الودائع الإماراتية لدى مصر، مما خفف من تأثير أزمة الدولار في مصر.
التدفقات النقدية
توقع إبراهيم النمر رئيس قسم التحليل الفني بشركة النعيم لتداول الأوراق المالية، أن يستقر سعر صرف الجنيه أمام الدولار عند 47-49 جنيها بنهاية العام الماضي بدعم من تدفقات أسعار الصرف المتوقعة من الخليج.
وأضاف أن استقرار سعر الصرف مرتبط باستمرار تدفق الأموال الساخنة في مصر وفشل الخروج الجماعي، متوقعا أن تستمر رؤية المستثمرين الإيجابية لمصر وعدم انتشار الصراع في المنطقة.
وترجح الخبيرة المصرفية سحر الدماطي، السيناريو المتفائل لاستقرار سعر الصرف في مصر، مدعوما بزيادة تدفقات النقد الأجنبي من دول الخليج.
وأشارت إلى أن الانتهاء المبكر من الصراع الإسرائيلي في المنطقة وعزم الاحتياطي الفيدرالي -البنك المركزي الأمريكي- على خفض أسعار الفائدة سيزيد من شهية المستثمرين الأجانب للاستثمار في الجنيه المصري.
وخفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة على الدولار بنسبة 0.5% منذ أسبوعين للمرة الأولى منذ أربع سنوات، ليعكس اتجاهه التصاعدي وينخفض إلى 4.75% و5%، مما يعكس التفاؤل بين الأسواق الناشئة، بما في ذلك مصر بشأن الولايات المتحدة الأمريكية التي تزايد تراجعها. هيمنة الدولار.
ويرى محمود نجلاء، المدير التنفيذي لأسواق النقد والدخل الثابت بشركة الأهلي للاستثمارات المالية، أنه من الصعب التنبؤ بسعر صرف الدولار نظرا لمرونة سعر الصرف في مصر مقابل الجنيه وعدم اليقين بشأن نهاية الصراع الإسرائيلي في المنطقة.
وأوضح أن سعر صرف الدولار سيرتفع وينخفض حسب العرض والطلب ووفرة موارد النقد الأجنبي.
وفي مارس الماضي، أعلن البنك المركزي العودة لتحرير سعر الصرف، بهدف سد فجوة النقد الأجنبي والقضاء على السوق السوداء لتداول النقد الأجنبي.
وأدى ذلك إلى تسجيل الدولار ارتفاعا آخر بنحو 60% أمام الجنيه، ليقفز من 30.94 جنيها إلى نحو 50 جنيها، قبل أن يهبط ويتأرجح بين 47 و49 جنيها في البنوك حسب العرض والطلب.
سيناريو حذر
وفي حال اتسع نطاق الصراع الإسرائيلي، فإن انسحاب الأموال الساخنة من الأسواق الناشئة، بما فيها مصر، سيكون بمثابة شرارة لمزيد من تعميق أزمة النقد الأجنبي وارتفاع سعر الدولار، بحسب إبراهيم النمر.
وأشار إلى أن السيناريو المتفائل بشأن استقرار سعر الصرف في مصر مرتبط بغياب السحب الجماعي للأموال الساخنة وعدم الضغط على الجنيه.
واجتذبت مصر نحو 23 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية في الأشهر الأربعة الأولى من تحرير سعر الصرف، لتصل إلى 36.71 مليار دولار بنهاية يونيو/حزيران من العام الماضي، بعد ارتفاعها عن مستواها القياسي البالغ 37.45 مليار دولار الذي تراجعت فيه في مايو/أيار.
قال محمد عبد العال، الخبير المصرفي، إن تراجع تدفقات النقد الأجنبي المباشرة أو غير المباشرة خلال الفترة المقبلة بسبب التوترات الجيوسياسية سيؤثر سلبا على استقرار سعر الصرف.
وتتمثل موارد مصر المباشرة من النقد الأجنبي في خمسة مصادر: تحويلات المصريين العاملين في الخارج، والصادرات والسياحة، وعائدات قناة السويس، والاستثمار الأجنبي المباشر.
الاستثمار الأجنبي غير المباشر هو الأموال الساخنة، وهي الاستثمار في أذون الخزانة المحلية، وتحتاج إليه مصر حاليا بسبب الفجوة الكبيرة في ميزان المدفوعات.
واتفق محمود نجلاء مع الآراء السابقة في أن مستوى تدفقات النقد الأجنبي خلال الفترة المقبلة سيحدد سعر صرف الدولار مقابل الجنيه بما يعكس آلية سعر الصرف المرنة.